مشاركة مميزة

فهرس مقالات مدوّنة مصباح الهداية

الخميس، 24 فبراير 2022

ضبط رواية أخذ الحسنين (عليهما السّلام) جوائز معاوية

بسم الله الرحمن الرحيم
ضبط رواية أخذ الحسنين (عليهما السّلام) جوائز معاوية

ورد في رواية محمّد بن خلف المروزيّ عن موسى بن إبراهيم المروزيّ عن الإمام موسى بن جعفر (عليه السّلام) «أنَّ الحسنَ والحسينَ كانا لا يقبلان جوائز معاوية».
كذا ضُبِطت الرّواية في (مسند الإمام موسى بن جعفر) بتحقيق السيّد محمد حسين الجلاليّ (رحمه الله) للكتاب وفقاً لنسخةٍ فريدةٍ عثر عليها خلال زيارته لدار الكتب الظّاهريّة سنة 1388هـ.

[التعريف بالكتاب]
وهذا الكتاب عبارة عن رواياتٍ رواها موسى بن إبراهيم المروزيّ عن الإمام الكاظم (عليه السّلام) خلال فترة سجنه، وقد رُويت هذه النّسخة عنه من طريق محمد بن خلف المروزيّ، قال الشيخ النجاشيّ (رحمه الله): (موسى بن إبراهيم المروزي، أبو حمران [ظ:عمران] روى عن موسى بن جعفر عليه السلام. له كتاب ذكر أنه سمعه وأبو الحسن عليه السلام محبوس عند السندي بن شاهك، وهو معلم ولد السندي بن شاهك.
أخبرنا الحسين بن عبيد الله، قال: حدثنا إسماعيل بن يحيى بن أحمد العبسيّ، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن أبي سهل الحربي أبو الحسين، قال: حدثنا محمد بن خلف بن عبد السلام أبو عبد الله يوم الجمعة بعد الصلاة لستٍّ بقين من المحرم سنة ثمان وسبعين ومائتين في جامع المدينة، قال: حدثنا موسى بن إبراهيم بالكتاب)[1].

وقال الشيخ الطوسيّ: (موسى بن إبراهيم المروزيّ. له روايات يرويها عن موسى بن جعفر عليهما السلام. أخبرنا بها أحمد بن عبدون، عن أبي بكر الدوريّ، عن أبي الحسن محمد بن أحمد الجرمي[2]، قال: حدثنا محمد بن خلف بن عبد السلام، قال: حدثنا موسى بن إبراهيم المروزي، قال: حدثنا موسى بن جعفر عليهما السلام)[3].

وذكره الحافظ عمر بن علي بن عمر القزويني (ت:750هـ) في مشيخته، قال: (وكتاب فيه مسند الإمام الكاظم موسى بن جعفرٍ الصادق بن محمدٍ الباقر بن زيد العابدين علي ابن الشهيد الحسين ابن أمير المؤمنين علي بن أبي طالبٍ، رضي الله عنهم أجمعين، عن أبيه، عن جده. رواية أبي بكر محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي، عن أبي عبد الله محمد بن خلف بن إبراهيم بن عبد السلام المروزي، عن موسى بن إبراهيم، عن موسى بن جعفرٍ، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قرأته على الشيخ المسند أبي عبد الله محمد ابن الشيخ الصالح أبي محمدٍ عبد المحسن بن أبي الحسن بن عبد الغفار المقرئ، بروايته عن ضوء الصباح عجيبة بنت أبي بكرٍ محمد بن أحمد الباقداري، إجازةً إن لم يكن سماعاً بروايتها كذلك عن أبي المكارم المبارك بن محمد بن المعمر البادرائي، بسماعه على أبي بكرٍ أحمد بن علي بن الحسين بن زكريا الطريثيثي، بسماعه على أبي عبد الله الحسين بن شجاعٍ الموصلي، سنة إحدى وعشرين وأربع مئةٍ، بسماعه على أبي بكرٍ محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن عبدويه الشافعي البزاز، في الجمعة لسبعٍ بقين من شعبان سنة أربعٍ وخمسين وثلاث مئةٍ، قال: حدثنا محمد بن خلفٍ، قال: حدثنا موسى بن إبراهيم، قال: حدثنا موسى بن جعفر بن محمدٍ، عن أبيه، عن جده، رضوان الله عليهم أجمعين.
وأرويه أيضاً عن جماعةٍ إجازةً، منهم: أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عمر المقرئ، وأبو العباس أحمد بن غزال بن مظفرٍ المقرئ، والحاجية كوهر نسب ابنة الشيخ ذو الفقار العلوي الحسني، بروايتهم كذلك عن أبي الفضل المرجى أبي الحسن بن هبة الله بن شقيرة القزاز الواسطي وغيره، بروايتهم كذلك عن الحافظ أبي طاهر أحمد بن محمد بن سلفة السلفي، وأبي طالبٍ محمد بن علي بن محمد ابن الكتاني القاضي بواسط، عن [ابن] زكريا الطريثيثي.
وأرويه أعلى منه عدداً، عن الشيخ العالم مسند الدنيا فخر الدين أبي الحسن علي بن أحمد بن عبد الواحد المقدسي، إجازةً عامةً إن لم تكن خاصةً، بإجازته الخاصة من أبي المكارم أحمد بن محمد بن محمد بن عبد الله بن اللبان الأصبهاني، بروايته كذلك إن لم تكن سماعاً عن مسند وقته أبي علي الحسن بن أحمد بن الحسن الحداد، بروايته كذلك عن الحافظ أبي نعيمٍ أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق الأصبهاني، بروايته عن أبي بكرٍ محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي البزاز إجازةً، حدثنا محمد بن خلفٍ، حدثنا موسى بن إبراهيم، حدثنا موسى بن جعفرٍ، عن أبيه، عن جده، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضي عنهم أجمعين)[4].

وذكره أيضاً الشيخ شمس الدين محمد بن محمد بن سليمان الرُّوداني المغربيّ (ت: 1094هـ) في كتابه (صلة الخَلَف بموصول السلف)، قال: (مسند أبي محمد موسى بن جعفر الكاظم: به إلى السلفي، عن أبي بكر [أحمد] بن علي الطريثيثي، عن [الحسين] بن شجاع الصوفي، عن أبي بكر محمد بن عبد الله بن عبدويه، عن محمد بن خلف المروزي، عن موسي بن إبراهيم المروزي عنه)[5]، وقد ذكر إسناده إلى أبي طاهر السلفي في موضع متقدّم من كتابه ضمن الإجازات.
وقد روى بعض علماء العامة أخباراً يسيرةً عن هذا الكتاب، نذكرها في موضع آخر إن شاء الله تعالى.

[المناقشة في لفظ الرّواية]
والظّاهرُ أنّ الصحيح في ضبط الرّواية المتقدّمة: «أنَّ الحسنَ والحسينَ كانا يقبلان جوائز معاوية» من دون أداة النفي؛ وذلك لعدّة قرائن:
القرينة الأولى: ما ورد في رواية ابن عساكر الدّمشقيّ عن نسخة موسى بن إبراهيم المروزيّ برواية محمّد بن خلف، قال: (أخبرنا أبو القاسم بن الحصين، أنا أبو القاسم التنوخي، نا هلال بن محمد بن جعفر، نا محمد بن عبد الله بن إبراهيم، نا محمد بن خلف المروزي، نا موسى بن إبراهيم، نا موسى بن جعفر، عن أبيه، عن جدِّه أنّ الحسن والحسين كانا يقبلان جوائز معاوية)[6].
القرينة الثانية: أنّ هذا المعنى واردٌ في جملةٍ من الأخبار، ومنها:
1- ما رواه الحميريّ في (قرب الإسناد) بإسناده عن الصّادق عن أبيه (عليهما السّلام) أنّ الحسن والحسين كانا يغمزان معاوية ويقولان فيه، ويقبلان جوائزه [7].
2- ما رواه الشيخ الطوسيّ في (تهذيب الأحكام) بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن أبان، عن يحيى بن أبي العلاء، عن أبي عبد الله عليه السلام عن أبيه عليهما السلام أن الحسن والحسين عليهما السلام كانا يقبلان جوائز معاوية [8].
3- ما رواه ابن سعد في طبقاته: (أخبرنا أبو بكر بن عبد الله بن أبي أويس المدني، عن سليمان بن بلال، عن جعفر بن محمد، عن أبيه: إن الحسن والحسين كانا يقبلان جوائز معاوية)[9].
4- ما رواه القاضي النعمان المغربيّ مرسلاً عن الباقر (عليه السلام)، قال: (وعن أبي جعفر أنه سُئل عن جوائز المتغلِّبين، فقال: قد كان الحسن والحسين يقبلان جوائز المتغلبين مثل معاوية؛ لأنّهما كانا أهلاً لما يصل إليهما من ذلك، وما في أيدي المتغلّبين عليهم حرام، وهو للناس واسع إذا وصل إليهم في خير وأخذوه من حقه) [10].
5- ما رواه الحافظ أبو بكر بن أبي شيبة في مصنّفه: (حدثنا حاتم بن إسماعيل، عن جعفر بن يحيى، عن أبيه: أنَّ الحسن والحسين كانا يقبلان جوائز معاوية)[11]، كذا ورد الإسناد في المطبوع، والظّاهر أنّ الصحيح: (عن جعفر بن محمّد)؛ فإنّ هذا الإسناد متكرر عنه في (المصنّف) وغيره، وهذا المتن محفوظٌ عنه.
القرينة الثّالثة: أنّ هذه الرّواية كانت متداولةً بين الفقهاء في بحث أخذ جوائز السّلطان، وقد شهدت هذه المسألة نقاشاً زائداً في عصر المحقّق الثّاني (رحمه الله) حتى أُلّفت في ذلك رسائل، ولم يؤثَر عن الفقهاء ضبطها ونقلها بصيغة النفي، بل كانوا ينقلونها بصيغة الإثبات، يشترك في ذلك طرفا النّزاع في المسألة، وقد كان الكلام منحصراً في دلالتها دون ضبطها، فليتأمّل.

وبناءً على ما تقدّم: فإنّ انفراد تلك النّسخة بزيادة أداة النفي يضعف الوثوق بكونها جزءاً من ألفاظ الرّواية.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] رجال النجاشي، ص407-408، رقم الترجمة 1082.
[2] كذا في فهرست الشّيخ، ويحتمل أن يكون هو الرّاوي عن محمد بن خلف الوارد في سند النجاشي، فيكون الصحيح: (أبي الحسين محمّد بن أحمد الحربيّ)، وقد ضبطت في بعض نسخ الفهرست: (الحربيّ).
[3] الفهرست، ص454-455، رقم الترجمة 722.
[4] مشيخة القزويني، ص231-233، رقم الكتاب 73.
[5] صلة الخَلَف بموصول السلف، ص363.
[6] تاريخ دمشق، ج59، ص194.
[7] قرب الإسناد، ص92، رقم الحديث 308.
[8] تهذيب الأحكام، ج6، ص387، كتاب المكاسب والمعايش، ح56، وانظر: وسائل الشيعة، ج17، ص214/ الوافي، ج17، ص161.
[9] انظر: ترجمة الإمام الحسن من القسم غير المطبوع من كتاب الطبقات الكبير لابن سعد، ص59-60، رقم الحديث 84.
[10] دعائم الإسلام، ج2، ص323-324، رقم الحديث 1223.
[11] مصنف ابن أبي شيبة، ج10، ص565، رقم الحديث 20702.