بسم الله الرحمن الرحيم
هل كان نصبُ عليّ (عليه السلام) للخلافة منافياً لحكمة النبيّ (صلّى الله عليه وآله)؟
الحمد لله رب العالمين، والصّلاة والسّلام على سيِّد الأنبياء والمرسلين، محمد بن عبد الله الصّادق الأمين، وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين، أما بعد:
فإنّ دلالة حديث الغدير على إمامة أمير المؤمنين (عليه السّلام) ثابتةٌ من خلال القرائن الموجبة للعلم بكون ذلك مُراد النبيِّ (صلّى اللهُ عليه وآله) من خطبته في الغدير يوم الثامن عشر من ذي الحجّة، ولكن قد أثيرت جملةٌ من الشبهات لاستبعاد هذه الدّلالة وحمل الحديث على معنى آخر، ومن هذه الشبهات التي أثيرت حول دلالة حديث الغدير على الإمامة أنّ النبي (صلّى اللهُ عليه وآله) كان يعلم أنّ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السّلام) غير مرغوبٍ به في أوساط العرب؛ لما بينه وبينهم من الثارات والأحقاد، فضلاً عن صِغر سنِّه وهو الأمر الذي يتوقع بقوّة أن يكون سبباً في عدم انصياع العرب له؛ لأنَفَتِهم من طاعة صغير السنِّ، فتنصيبُ الإمام ليس من الحكمة، وينافي حكمة النبي (صلّى اللهُ عليه وآله)، فلا بد من حمل حديث الغدير على معنىً آخر.
الجواب: إنَّ تنصيب أمير المؤمنين (عليه السّلام) يوم الغدير مع ملاحظة ما ذُكِرَ لا يُنافي حكمة التدبير الإلهيّ الذي أجراه النبيّ (صلّى الله عليه وآله)، بل هو منسجمٌ مع ما نعلمه من الأدلّة المعتبرة حول طبيعة التدبير الإلهيّ، كما أنّه مُؤيَّدٌ بالنهج العقلائيّ في باب السياسة وتدبير شؤون الممالك والاجتماع البشريّ، ومن هنا يمكننا بيان عدم منافاة تنصيب الإمام يوم الغدير للحكمة من جهتين:
1. الجهة الأولى (الجنبة العقلائيّة).
إنّ المدار في اختيار الشخصيّة المناسبة للحكم هي الأفضليّة والأصلحيّة لذلك المنصب، واختيار الأصلح في النظر العقلائيّ لا يكون عبر قصر النظر على جانبٍ في المسألة مع إغفاله عن سائر الجهات الأخرى، فلو أراد العقلاء انتخاب أفضل شخصيّة للقيادة من مجموعةٍ معيّنةٍ، وكان كلّ فردٍ من هذه المجموعة فيه صفات ترجّح اختياره وصفات أخرى تجعل اختياره مرجوحاً، فإنّ العقلاء لا يقصرون النظر على جانب واحد ويغفلون سائر الجوانب، بل يكون التقييم مع النظر إلى تمام الخصال المؤثِّرة في الحكم بالقضيّة، وعند ملاحظة الصفات المرجِّحة والصفات المانعة في الشخص الواحد يكون التقييم بلحاظ مجموعيّ ليُرى أيّهم أرجح جانباً من الآخر.
وفيما نحن فيه؛ فإنّ ما اتّصف به أمير المؤمنين (عليه السّلام) لا نجدُ فيه قادحاً بل هو امتيازٌ عالٍ وفقاً للنظرة العقلائيّة ولا سيّما إذا عرفنا أنّه كان أقدم الصحابة إسلاماً[1]، وأكثرهم في الجهاد إقداماً حيث ثبتَ في كل المواطن مع رسول الله (صلّى اللهُ عليه وآله) بينما فرّ وانهزم كثيرٌ من الصحابة، وأغزرهم علماً حيث كان يسأله النّاسُ ولا يَسأل أحداً، فضلاً عمّا روي في هذا الجانب عن عمر بن الخطاب الذي أقرّ بتقدّم الإمام (عليه السّلام) عليه في العلم بقضاء رسول الله (صلّى الله عليه وآله) حيث قال: (عليٌّ أقضانا)[2]، وكونه عالماً بكلّ آيةٍ من كتاب الله على وجه التّفصيل، ووارثاً لعلم ما يكون إلى يوم القيامة وفقاً لما أقرّت به روايات أهل السنة[3].
وإذا تأمّلنا فيما يحتاجُه منصب إمامة المسلمين من مؤهِّلاتٍ من قبيل: الدِّين، الشجاعة، والإحاطة المطلقة بالقرآن الكريم، والأعلميّة التامّة في باب القضاء بين الناس وهو أكثر الجوانب ابتلاءً بالنسبة للحاكم، فهل يبقى لذلك التوهّم أثرٌ لا سيّما إذا عرفنا أنَّ سائر الصحابة لم تثبت لواحدٍ منهم هذه الصفات مجتمعةً؟! ولو سلّمنا أنّ تلك الاعتراضات المأخوذة على شخصيّة أمير المؤمنين (عليه السّلام) لها وزنٌ حقاً، فبلحاظ عملية التقييم هل يُعتدّ بها في قبال سائر المرجِّحات؟ هذا كلّه وفقاً للنظرة الظاهريّة والتقييم العقلائيّ الذي ينظر إلى الأمور وفقاً للقدرة العقليّة عند البشر، وإلّا فما تنطوي عليه الحكمة الإلهيّة من تنصيب إنسانٍ لا نحيط بعظمة مقامه ومنزلته عند الله أعظم بكثيرٍ مما يُلحظ في التقييم الظاهريّ.
وأمّا بالنسبة إلى كونه مبغوضاً عند العرب، فالعلّة فيهم لا فيه، فإنّ الحانقين على الإمام والمغتاظين منه إنّما كانوا كذلك لأنه قتل كبار قريش وساداتها وغيرهم من أهل الشّرك، وقد كان قتل أولئك جهاداً في سبيل الله؛ لأنّهم كانوا من الصادِّين عن دين الله، فهل يُعبأ بموقف الذين ينتصرون لرؤوس الشّرك التي هَوَتْ بسيف عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام)؟ وإذا كان هذا مما يستلزم الفساد فهو واردٌ على مقام النبوّة بعينه، وذلك لأنّ أولئك المشركين قد قُتلوا بأمر النبيِّ (صلّى اللهُ عليه وآله). على أنّ تخوّف الفتنة من أولئك الموتورين يمنع من نصب عليِّ (عليه السّلام) للإمامة مطلقاً، فهم لا يرضون به خليفةً بعد رسول الله مباشرةً ولا رابعاً، وهذا ما اتّفق وقوعه خارجاً، فهل يجب بنظر هؤلاء استثناء أمير المؤمنين (عليه السّلام) من التصدّي للخلافة لأنه جاهد في الله حقّ جهاده؟ وهل أمسى جهاده في سبيل الله ذنباً يكون سبباً في منعه من قيادة المسلمين وإقامة أمور الدين والدّنيا؟!
كما أنّ هذا المحذور المُتوَهَّم هو من قبيل الاقتراح البشريّ على الله والذي لا يكترث له الشّارع الحكيم، فقد قتل نبي الله موسى (عليه السّلام) واحداً من قوم فرعون، وظنَّ أنّ ذلك قد يكون مانعاً من نجاح دعوته فيُقتل ولا تستمر دعوته، فقال مخاطباً الحقّ تبارك وتعالى: (ولَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فأخَافُ أنْ يَقْتُلُونِ)[4]، وفي سورة أخرى: (قَالَ رَبِّ إنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فأخَافُ أنْ يَقْتُلُونِ)[5]، فأجابه الله تعالى بقوله: (كَلَّا فَاذْهَبَا بآيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ)[6]، وقد أرسله اللهُ إليهم مع علمه بأنّ فرعون سوف يوظِّفُ تلك القضيّة لتحريض قومه ضدّه، فقد ذكرها خلال محاورته مع موسى (عليه السّلام) أمام الملأ، قال تعالى: (قَالَ ألَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيداً ولَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ وَفَعَلْتَ فَعْلتَكَ التِي فَعَلْتَ وأنْتَ مِنَ الكَافِرِينَ)[7]، فوجودُ مؤاخذةٍ من جهة القتل وإمكان تأثير ذلك في تأجيج الأحقاد لا يمثّل مانعاً من الاتّخاذ الإلهي للقيادة.
وأمّا صِغر سنِّ الإمام -مقايسةً بغيره من الصّحابة- فليس بقادحٍ في تنصيبه، والإشكال بصغر السنِّ يشهد العقل ببطلانه إذا كان صغير السنِّ كاملاً من سائر الجهات الأخرى، فالعمرُ لو كان دخيلاً ذا تأثيرٍ فهو ليس بمرجِّح حاسمٍ، لا سيّما أنّ البحث حول أهليّة الشخص تُلاحظ فيه كافة الجهات لا جهة العمر فقط، مضافاً إلى أنّ انتخاب صغير السنِّ للقيادة غير مستنكر في سيرة النبيّ (صلّى اللهُ عليه وآله)، فقد أمّر أسامة بن زيد على جيشٍ فيه كبار الصحابة – وبحسب بعض الروايات كان فيه أبو بكر وعمر[8]-، وكان آنذاك شابّاً عمره ثمانية عشر عاماً كما نصّ الحافظ الذهبيّ[9]، وروى مسلم في صحيحه عن ابن عمر: (بعث رسول الله بعثاً وأمَّر عليهم أسامة بن زيد فطعنَ الناسُ في إمرته، فقام رسول الله فقال: إنْ تطعنوا في إمرته فقد كنتم تطعنون في إمرة أبيه من قبلُ، وايم الله إن كان لخليقاً للإمرة..)[10]، ولعلّ النبيّ (صلّى اللهُ عليه وآله) كان يريد بهذا الفعل كسر العُرف السّائد الذي يأنفُ من إمارة الصغير وإنِ امتلك الأهليّة من سائر الجهات الأخرى، ولذلك ركّز في مقام الردّ على طعنهم في إمارة أسامة على جهة الأهليّة فقال: (وايم الله إنْ كان لخليقاً للإمرة).
2. الجهة الثانية (الجنبة الابتلائيّة).
من الواضح أنّ الله تبارك وتعالى يمتحن خلقه في إيمانهم، ويُكلّفهم في ذلك بتكاليفَ تخالف أهواءهم ورغباتهم، وعندئذٍ يظهرُ بهذا الامتحان مَنْ يُطيع الله حقّ طاعته ومن يعبد الله وفقاً لأهوائه، وقد امتحن اللهُ تعالى الأمم السابقة وكذلك هذه الأمة، فقد امتُحنَتْ مراراً، ومن ذلك:
أ. امتحانهم في تغيير القبلة التي كانوا عليها، قال تعالى: (ومَا جَعَلْنَا القِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ)[11]. إذن؛ فهذه الأمة ممتحنةٌ في ادّعائها الإيمان ليظهرَ مَنْ يتّبعُ الرسول ممن ينحرف ويضلّ عن طريق الاستقامة في متابعة وطاعة النبيّ (صلّى اللهُ عليه وآله).
ب. امتحانهم في خروج عائشة على أمير المؤمنين (عليه السّلام)، وقد روى البخاري في صحيحه عن عمّار بن ياسر في خطبته بالكوفة: (إن عائشة قد سارت إلى البصرة، ووالله إنها لزوجة نبيكم في الدنيا والآخرة[12]، ولكنّ الله تبارك وتعالى ابتلاكم ليعلم إيَّاه تطيعون أم هي)[13].
وقد امتُحِنت هذه الأمة أيضاً بإمامة أمير المؤمنين (عليه السّلام) مع ما فيه تلك الخصال من صغر السنّ ومبغوضيّته عند بعض العرب؛ بل إنّ هاتين الخصوصيّتين قد تكونان ملائمتين جداً للامتحان الإلهي؛ لأنّ مركز الامتحان يدور حول تخيير الممتحَن بين طاعة أمر الله أو متابعة أهوائه التي لا تستندُ إلى الحقّ، ومن الواضح أنّ ذلك النفور منه (عليه السّلام) ليس مبرَّراً شرعاً بل هو أمرٌ راجعٌ إلى الهوى والتعصُّب القَبَليّ الذي نفاه الإسلام ومنع من تقديمه على الحقّ، فلذلك جاء الامتحان الإلهيّ في هذا الموضع الذي يُمحَّص فيه إيمانهم بالنصِّ الإلهيِّ أو بالتعصّب القبليّ والنزعة الجاهليّة، وهذه النكتة ملحوظةٌ في بعض روايات أهل البيت (عليهم السّلام) ومنه ما جاء من توصيفهم في الزِّيارة الجامعة: «..، والبابُ المُبتلى به النّاس».
ويُضاف إلى هذا أنّ التشريع الإلهيّ لا يعبأ بما تفترضهُ بعض الثقافات من معايير فيمن يُنصَبُ للقيادة، لا سيّما لو كانت تلك الافتراضات والمعايير البشريّة منافيةً للصواب، ويشهدُ العقل ببطلانها. والجري على هذا النمط من الإشكال فيه شائبة الاقتراح على الله (تبارك وتعالى)، وهو لا قيمة له، ومن ذلك: معايير قوم نوح (عليه السّلام) التي افترضوها كمؤهِّل لمن يحمل راية الهداية وقيادة المجتمع، فقد قالوا: (مَا نَرَاكَ إلَّا بَشَراً مِثْلَنا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إلَّا الَّذِينَ هُمْ أرَاذِلُنا بَادِيَ الرَّأْيِ ومَا نرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ)[14]، فهذه هي مؤاخذاتهم على كون نوح (عليه السّلام) نبيّاً لهم تجب طاعته، فهو بشرٌ، له أتباعٌ من الطبقة الدنيا في المجتمع، وهؤلاء لا فضل لهم على تلك الفئة الراغبة عن الإيمان، فهل كان إرسالُ الله لنبيّ بشرٍ ذا أتباع ضعفاء لا فضل لهم وفق نظرة الآخرين منافياً للحكمة لأنّه لم يكن وفقاً لمعايير القوم المُرسَل إليهم؟!
ومن ذلك أيضاً: معايير فرعون في تضعيفه لنبوّة موسى (عليه السّلام)، قال تعالى: (ونَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ ألَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وهَذِهِ الأنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أفَلَا تُبْصِرُونَ أمْ أنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ فلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أوْ جَاءَ مَعَهُ الملَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ)[15]، وهل كان من الواجب أن يُرسَل الله موسى (عليه السّلام) ثريّاً مكلَّلاً بالذّهب لكي يكون موافقاً لمعايير فرعون في هذا الجانب ويحظى بقبولهم له؟! وهل كان إرساله نبيّاً فقيراً منافياً للحِكمة؟!
ومن ذلك أيضاً: ما قيل في التنصيب الإلهي لطالوت حيث اعترض عليه بنو إسرائيل وفقاً لمعاييرهم الباطلة، قال تعالى: (وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً قَالُوا أنَّى يَكُونُ لَهُ المُلْكُ عَلَيْنَا ونَحْنُ أحَقُّ بالمُلْكِ مِنْهُ ولَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ المَالِ قَالَ إنَّ اللهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وزَادَهُ بَسْطَةً فِي العِلْمِ والجِسْمِ واللهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ واللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)[16]، فالله تعالى يعلمُ بعدم مقبوليّة طالوت عند بني إسرائيل وعدم إذعانهم لتنصيبه؛ لأنّه وفق معاييرهم لا يمتلك الثروة والمال، ويفتقرُ إلى خصالٍ يرونها متوفرةً في غيره، ومع ذلك نصبه ملكاً عليهم، فهل يرى المستشكل أنّ هذا الفعل منافٍ للحكمة الإلهية؟! وهل يرى أنَّ كلّ معيارٍ يطرحه البشر يجب على الشارع الحكيم مراعاته وأخذه بعين الاعتبار؟!
ومن ذلك أيضاً: معايير كُفّار قريش في تحديد اللائق بمنصب النبوّة، قال تعالى: (وقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا القُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ القَرْيَتَيْنِ عَظِيْمٍ)[17]؛ فهذه معايير العرب في شأن منصب النبوّة لا ترتضي شخص النبيّ (صلى الله عليه وآله)، وإنّما تريدُ رجلاً عظيماً بنظرهم من منطقةٍ هم يحدّدونها أيضاً!
والحاصل: إنّ الله إذا امتحن فرداً أو أمّة بأمرٍ فإنّه يجب عليهم الانقياد له، وأمّا اقتراحُ معايير أخرى فهو تجاوزٌ على الإرادة الإلهيّة نظير فِعل إبليس حينما امتحنه الله بالسّجود لآدم فابتكر معياراً للأفضليّة من عنده فقال: (أنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ)[18].
وبناءً على ذلك: فالمعايير المُقترحة التي طُرحت ليست موافقةً للنّهج العقلائيّ فضلاً عن المعايير الإلهيّة في الاصطفاء وبعث الرّسل، ولا ينبغي أن تمثّل إشكالاً واقعيّاً على إقامة أمير المؤمنين (عليه السّلام) إماماً للمسلمين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] قال الحافظُ ابن حجر العسقلاني في كتابه (الإصابة في تمييز الصحابة، ج7، ص275، رقم الترجمة 5714): (..أول الناس إسلاماً في قول كثير من أهل العلم).
[2] مسند أحمد بن حنبل، ج35، ص10، رقم الحديث 21084، قال المحقق الأرناؤوط: (إسناده صحيح على شرط الشيخين).
[3] روى عبد الرزاق الصنعانيّ في تفسيره بسندٍ صحيحٍ: (عن معمر، عن وهب بن عبد الله، عن أبي الطفيل، قال: شهدتُ علياً وهو يخطب ويقول: سلوني فوالله لا تسألوني عن شيء يكون إلى يوم القيامة إلا حدَّثتُكم به، وسلوني عن كتاب الله، فوالله ما من آية إلا وأنا أعلم بليل نزلت أم بنهار وأم في سهل أم في جبل..)، المصدر: (تفسير عبد الرزاق الصنعاني، ج2، ص241، تحقيق: مصطفى مسلم محمد، الناشر: مكتبة الرشد – الرياض، الطبعة: الأولى، سنة النشر: 1410هـ/1989م). ورواه الخطيبُ البغداديّ في كتابه (الفقيه والمتفقّه) بإسناده عن عبد الرزاق بهذا الإسناد نفسه: (أناه: أبو الحسين أحمد بن عمر بن روح وأبو علي الحسن بن فهد النهراونيّان بها، قالا: أنا أبو الحسين محمد بن إبراهيم بن سلمة الكهيليّ بالكوفة، أنا محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي، نا إسحاق بن إبراهيم المروزي، نا عبد الرزاق، نا معمر، عن وهب بن عبد الله بن أبي دبي، عن أبي الطفيل، قال: شهدتُ عليّاً وهو يخطب وهو يقول: سلوني، والله لا تسألوني عن شيء يكون إلى يوم القيامة إلّا حدثتكم به.
... بإسناده، قال: قال عليّ: «سلوني عن كتاب الله، فوالله ما من آية إلا أنّي أعلم أبليلٍ نزلت أم بنهار، أم في سهلٍ أم في جبلٍ»).
قال المحقق عادل بن يوسف العزازيّ: (إسناده صحيح)، انظر: (الفقيه والمتفقه، ص710، رقم الحديث 1081-1082، تحقيق: عادل بن يوسف العَزّازيّ، الناشر: دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع – الدمَّام، الطبعة: الأولى، سنة النشر: 1430هـ). ورواه ابن عبد البرّ القرطبيّ أيضاً، قال: (وحدثني أحمد بن فتح، نا حمزة بن محمد، نا إسحاق بن إبراهيم، نا محمد بن عبد الأعلى، ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن وهب بن عبد الله، عن أبي الطفيل قال: شهدت علياً رضي الله عنه وهو يخطب ويقول: سلوني فوالله لا تسألوني عن شيء يكون إلى يوم القيامة إلا حدثتكم به، وسلوني عن كتاب الله فوالله ما منه آية إلا وأنا أعلم بليل نزلت أم بنهار، أم بسهل نزلت أم بجبل..إلخ).
قال المحقق محمد بن عوض بن عبد الغنيّ المصريّ: (صحيح)، انظر: (بيان أخذ العلم وفضله، ص345-346، رقم الحديث 726، تحقيق: محمد بن عوض بن عبد الغني المصري، الناشر: دار الإمام البُخاري – الدوحة، الطبعة: الأولى، سنة النشر: 1437هـ/2016م).
وعلّق على هذا الخبر المحقق أبو الأشبال الزهيريّ بقوله: (إسناده صحيح، ورجاله ثقات)، انظر: جامع بيان العلم وفضله، ج1، ص383-384، رقم الحديث 726، تحقيق: أبي الأشبال الزهيري، الناشر: دار ابن الجوزيّ – الدمام، الطبعة: السابعة، سنة النشر: 1427هـ).
وعلق عليه أيضاً المحقق محمد بن عبد الرحمن الصالح بقوله: (إسناده صحيح)، انظر: جامع بيان العلم وفضله، ج1، ص208، رقم الحديث 726، تحقيق: محمد بن عبد الرحمن الصالح، الناشر: مكتبة عباد الرحمن – مصر، الطبعة: الأولى، سنة النشر: 1428هـ/2007م).
وقال ابن كثير في تفسيره: (وثبتَ أيضاً من غير وجهٍ عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه صعد منبر الكوفة فقال: لا تسألوني عن آيةٍ في كتاب الله تعالى، ولا عن سنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إلا أنبأتُكم بذلك..)، انظر: تفسير القرآن العظيم، ج7، ص26، تحقيق: حكمت بن بشير بن ياسين، الناشر: دار ابن الجوزيّ).
[4] سورة الشعراء، الآية 14.
[5] سورة القصص، الآية 33.
[6] سورة الشعراء، الآية 15.
[7] سورة الشعراء، الآية 18.
[8] مسند البزار، ج12، ص155-156، رقم الحديث 5754.
[9] قال الحافظ الذهبيّ: (لما أمره النبي ﷺ على ذلك الجيش، كان عمره ثماني عشرة سنة)، انظر: سير أعلام النبلاء، ج2، ص500.
[10] صحيح مسلم، ج6، ص273، رقم الحديث 2508، (ط: دار التأصيل).
[11] سورة البقرة، الآية 143.
[12] هذا التوصيف يتناقض مع كونها فتنةً للمسلمين ومحل امتحانهم وابتلائهم وكون طاعتها معصيةً لله ومخالفةً لأمره بطاعة الإمام ونهيه عن سفك الدماء بغير حقّ، وقد توعد الله من سفك الدماء بغير حقّ بما لا يخفى على مسلمٍ يؤمن بكتاب الله.
[13] صحيح البخاري، ج9، ص156، رقم الحديث 7101 (ط: دار التأصيل).
[14] سورة هود، الآية 27.
[15] سورة الزخرف، الآية 51-53.
[16] سورة البقرة، الآية 247.
[17] سورة الزخرف، الآية 31.
[18] سورة الأعراف، الآية 12.