بسم الله الرحمن الرّحيم
دراسة نقديّة حول روايات السيّد ابن طاوس في إحياء ليلة العاشر من المحرّم
الحمد لله ربِّ العالمين، والصّلاة والسلام على سيّد الأنبياء والمرسلين، وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين، واللّعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين، أما بعد:
فقد عيّنَ أئمّة أهل البيت -عليهم السّلام- ليالي الإحياء في طول السَّنة، واستفاضت الأخبار في بيان فضل تلك الليالي من قبيل ليلة النّصف من شعبان، وليالي القدر، وغيرها، وأمّا ما يتعلّق بليلة العاشر من المحرّم فلا يظهر أنّها من الليالي المسنون إحياؤها بالعنوان الخاصّ؛ إذ لم يُظفَرْ بروايات موثوقة عن أئمّة أهل البيت -عليهم السّلام- تبيّن أنّ للإحياء فيها فضلاً، كما أنّ هذا لم يظهر في سيرتهم خلال عقود طويلةٍ، بل الظّاهر من سيرة الأئمّة والشّيعة في القرون الثلاثة الأولى أنّها من ليالي الحزن والتّعزية بمصاب سيّد الشّهداء -عليه السّلام-.
ولم يفرد أصحابنا الإماميّة من المصنّفين في الأدعية والأعمال فصلاً مستقلّاً لها سوى السيّد ابن طاوس، حيث كان أول من بادر لجمع رواياتٍ تتعلّق بهذه اللّيلة، فأفرد فصلاً لها في كتاب «الإقبال»، والظّاهر من مصادره وأسانيده أنّ عمدته في النّقل عن كتب العامّة، وهذا في نفسه يضعف الوثوق بصدور هذه الأعمال والاعتماد عليها[1]، ويزيد الرّيب في صدورها ما يُعلم يقيناً من كون عاشوراء موضوعاً لاختلاق الرّوايات عند العامّة في فضله وتعظيمه وإحياء ليلته بالعبادة وفعل الخير فيه، ومن هذا المنطلق سنقوم بدراسة الروايات التي أوردها السيّد ابن طاوس في ذلك الفصل، والمصنّفات التي نقل عنها، ومن خلال ذلك يمكن تقييم مدى الوثوق بإمكانيّة صدورها من خلال مصادر تلك الرّوايات والسّياق التاريخيّ الذي نُقلت فيه، ونفصّل ما أشرنا إليه في عدّة أمورٍ إن شاء الله تعالى.
الأمر الأوّل: السّياق التّاريخي لنشأة أحاديث فضل ليلة عاشوراء ويومها
من الأمور الواضحة بحسب الشواهد التاريخيّة أنّ بني أميّة -لعنهم الله- لمّا قتلوا سيد الشهداء صلوات الله عليه اتّخذوا يوم عاشوراء موسماً لإظهار الفرح والسّرور، وبدؤوا بوضع الرّوايات التي تجعل خصوصيّات دينيّة لهذا اليوم من قبيل أنّه يومٌ مبارك ويوم شكرٍ ويوم عبادةٍ وسرور وتوسعة، وقد أعانهم على ذلك بعض الرّواة الكذّابين فقاموا بوضع الحديث بشكل مفتضح، حتّى أنّ جملةً من علماء العامّة لم يقبلوا هذه الأخبار، ونصّوا على أنّ بعض الرّواة قاموا بوضع الأخبار المكذوبة في فضل عاشوراء وليلتها بقصد مضادّة الشّيعة الإماميّة، وإن كان الحقّ أنّها وُضعت بسبب عداء النّواصب للعترة الطاهرة.
وقد ورد في روايات الأئمّة -عليهم السّلام-ما يؤكّد وجود ظاهرة أمويّة لوضع الأحاديث في فضائل عاشوراء، ومن ذلك ما رواه الصّدوق بإسناده عن عبد الله بن الفضل الهاشميّ في حديثه عن الصّادق -عليه السّلام-: (فقلت له: يا ابن رسول الله، فكيف سمَّتِ العامّةُ يوم عاشوراء يوم بركة؟! فبكى -عليه السّلام- ثمّ قال: لما قتل الحسين -عليه السّلام- تقرب النّاس بالشّام إلى يزيد فوضعوا له الأخبار وأخذوا عليها الجوائز من الأموال، فكان مما وضعوا له أمر هذا اليوم وأنّه يوم بركةٍ؛ ليعدل الناس فيه من الجزع والبكاء والمصيبة والحزن إلى الفرح والسرور والتبرّك والاستعداد فيه، حكم الله بيننا وبينهم)[2].
ويشهد له أيضاً خبر ميثم التمّار الذي رواه الصّدوق في أماليه، وفيه: (قالت جبلة: فقلت له: يا ميثم، وكيف يتّخذُ النّاس ذلك اليوم الذي يقتل فيه الحسين بن عليّ -عليهما السلام- يوم بركة؟! فبكى ميثم رضي الله عنه، ثم قال: سيزعمون بحديثٍ يضعونه أنّه اليوم الذي تاب الله فيه على آدم -عليه السلام-، وإنّما تاب الله على آدم -عليه السلام- في ذي الحجّة، ويزعمون أنه اليوم الذي قبل الله فيه توبة داود -عليه السلام-، وإنما قبل الله توبته في ذي الحجة، ويزعمون أنه اليوم الذي أخرج الله فيه يونس -عليه السلام- من بطن الحوت، وإنما أخرجه الله تعالى من بطن الحوت في ذي القعدة، ويزعمون أنه اليوم الذي استوت فيه سفينة نوح -عليه السلام- على الجوديّ، وإنّما استوت على الجوديّ يوم الثامن عشر من ذي الحجة، ويزعمون أنه اليوم الذي فلق الله فيه البحر لبني إسرائيل، وإنما كان ذلك في ربيع الأول)[3][4].
وروى الطّوسيّ بإسناده عن الصّادق عليه السلام: (إنّ آل أميّة -عليهم لعنة الله- ومن أعانهم على قتل الحسين من أهل الشّام نذروا نذراً إن قُتِل الحسين عليه السلام وسلم من خرج إلى الحسين عليه السلام وصارت الخلافة في آل أبي سفيان أن يتّخذوا ذلك اليوم عيداً لهم، وأن يصوموا فيه شكراً، ويفرّحوا أولادهم، فصارت في آل أبي سفيان سنّةً إلى اليوم في النّاس، واقتدى بهم النّاس جميعاً، فلذلك يصومونه ويُدخلون على عيالاتهم وأهاليهم الفرح في ذلك اليوم)[5].
والحاصل من هذه الأخبار وغيرها أنّ بني أميّة جعلوا يوم عاشوراء يوماً للتبرّك وطلب الخير، واتّخذوا لذلك الرّوايات المكذوبة، وهذا ما أشير إليه في زيارة عاشوراء المباركة: (اللّهمّ إنّ هذا يوم تبرّكت به بنو أُميّة وابن آكلة الأكباد)[6].
وقبل أن نذكر جملةً من كلمات علماء العامّة في تكذيب أخبار فضل العبادة في يوم عاشوراء وليلتها، نسرد بعض الروايات الموضوعة في هذا الباب، والفائدة في ذلك: بيان ما تحمله متون هذه الرّوايات من مبالغة وغلوّ شديد يشهد بكونها مكذوبة؛ فإنّ لسانها في غاية الشّذوذ عن الأخبار المعتبرة في باب فضائل الأعمال والأيّام، وهذه المبالغة تحمل في طيّاتها ما يلوّح بكونها مختلقة بقصدٍ وعمدٍ لأداء غرضٍ معيّن كان يدور في أذهان أولئك الرّواة الوضّاعين.
[1] روى البيهقيّ: (أخبرناه أبو عبد الله الحافظ، قال: أخبرني عبد العزيز بن محمّد بن إسحاق، حدّثنا علي بن محمّد الوراق، حدّثنا الحسين بن بشر، حدّثنا محمّد بن الصلت، حدّثنا جويبر، عن الضحاك، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من اكتحل بالإثمد يوم عاشوراء لم يرمد أبداً. وكذلك رواه بشر بن حمدان بن بشر النيسابوري، عن عمه الحسين بن بشر، ولم أرَ ذلك في رواية غيره، عن جويبر، وجويبر ضعيف، والضحّاك لم يلقَ ابن عبّاس)[7].
[2] روى العقيليّ: (حدّثناه عبد الوارث بن إبراهيم العسكري، قال: حدّثنا علي بن المهاجر العبشي، قال: حدّثنا هيصم بن الشداخ، قال: حدّثنا الأعمش، عن يحيى بن وثاب، عن علقمة، عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من وسّع على عياله يوم عاشوراء وسّع الله عليه سنته». ولا يثبت في هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثٌ مسندٌ، إلا شيء يروى عن إبراهيم بن محمّد بن المنتشر، مرسل عن النبي صلى الله عليه وسلم)[8].
[3] وروى أيضاً -في ترجمة محمّد بن ذكوان-: (ومن حديثه: ما حدّثناه جدي، قال: حدّثنا حجاج بن نصير، قال: حدّثنا محمّد بن ذكوان، قال: حدثني يعلى بن حكيم، عن سليمان بن أبي عبد الله، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من وسّع على أهله وعياله يوم عاشوراء وسّع الله عليه سائر سنته». سليمان بن أبي عبد الله مجهول بالنقل، والحديث غير محفوظ)[9].
[4] روى شيرويه الديلميّ مرسلاً عن سيّد الشهداء الحسين (عليه السّلام): (من اكتحل بكحلٍ فيه طيبٌ ومسكٌ يوم عاشوراء لم يرمد عينه تلك السنة)[10].
[5] روى ابن الجوزيّ في كتابه (الموضوعات): (حدّثنا محمّد بن ناصر، قال: أنبأنا أحمد بن الحسين بن قريش، قال: حدّثنا العشاريّ، قال: حدّثنا أبو بكر النوشري، قال: حدّثنا أحمد بن سلمان، قال: حدّثنا إبراهيم الحربيّ، قال: حدّثنا سريج بن النعمان، قال: حدّثنا ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن الأعرج، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أحيى ليلة عاشوراء فكأنّما عبد الله تعالى بمثل عبادة أهل السّماوات، ومن صلّى أربع ركعات، يقرأ في كل ركعة الحمد مرة، وخمسين مرة «قل هو الله أحد»، غُفِرَ له ذنوب خمسين عاماً ماضٍ، وخمسين عاماً مستقبل، وبُنِيَ له في الملأ الأعلى ألف منبر من نور)[11].
[6] وروى أيضاً: (أنبأنا إبراهيم بن محمّد الطيبيّ، قال: أنبأنا الحسين بن إبراهيم، قال: أنبأنا الحسين بن علي بن جعفر، قال: أنبأنا عبد الله بن عبيد الله بن كالة، قال: حدّثنا أبو القاسم عبد الله بن أحمد، حدّثنا أحمد بن نصر بن علي الرازيّ، قال: حدّثنا أبو عبد الله محمّد بن إبراهيم، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن عبد الله النهرواني، قال: حدّثنا محمّد بن سهل، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى يوم عاشوراء ما بين الظهر والعصر أربعين ركعة، يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب مرة، وآية الكرسي عشر مرات، و«قل هو الله أحد» إحدى عشرة مرة، والمعوذتين خمس مرات، فإذا سلّم استغفر سبعين مرة، أعطاه الله في الفردوس قبة بيضاء فيها بيت من زمردة خضراء، سعة ذلك البيت مثل الدنيا ثلاث مرات، وفي ذلك البيت سرير من نور، قوائم السّرير من العنبر الأشهب، على ذلك السرير ألف فراش من الزعفران.
قال المصنِّف: وذكر حديثاً طويلاً من هذا الجنس. قال المصنِّف: وهذا موضوعٌ، وكلمات الرسول صلّى الله عليه وسلّم منزّهة عن مثل هذا التخليط، والرّواة مجاهيل، والمتّهم به الحسين)[12].
[7] وقال ابن الجوزيّ: (فمن الأحاديث التي وضعوا: حدّثنا أبو الفضل محمّد بن ناصر من لفظه وكتابه مرتين، قال: أخبرنا أحمد بن الحسين بن قريش، قال: أخبرنا أبو طالب محمّد بن عليّ بن الفتح العُشاري. وقرأتُ على أبي القاسم الحريريّ، عن أبي طالب العشاري، قال: حدّثنا أبو بكر أحمد بن منصور النوشريّ، قال: حدّثنا أبو بكر أحمد بن سلمان النجّاد، قال: حدّثنا إبراهيم الحربي، قال: حدّثنا شريح[13] بن النعمان، حدّثنا ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن الأعرج، عن أبي هريرة، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنّ الله عز وجل افترض على بني إسرائيل صوم يومٍ في السنة يوم عاشوراء وهو اليوم العاشر من المحرم، فصوموه ووسّعوا على أهاليكم فيه، فإنّه من وسّع على أهله من ماله يوم عاشوراء وسّع اللهُ عليه سائر سنته، فصوموه فإنه اليوم الذي تاب الله فيه على آدم، وهو اليوم الذي رفع الله فيه إدريس مكاناً عليّاً، وهو اليوم الذي نجّى فيه إبراهيم من النار، وهو اليوم الذي أخرج فيه نوحاً من السفينة، وهو اليوم الذي أنزل الله فيه التوراة على موسى، وفيه فدى الله إسماعيل من الذّبح، وهو اليوم الذي أخرج الله يوسف من السجن، وهو اليوم الذي رد الله على يعقوب بصره، وهو اليوم الذي كشف الله فيه عن أيوب البلاء، وهو اليوم الذي أخرج الله فيه يونس من بطن الحوت، وهو اليوم الذي فلق الله فيه البحر لبني إسرائيل، وهو اليوم الذي غفر الله لمحمّد ذنبه ما تقدم وما تأخر، وفي هذا اليوم عبر موسى البحر، وفي هذا اليوم أنزل الله تعالى التوبة على قوم يونس، فمن صام هذا اليوم كانت له كفارة أربعين سنة، وأول يوم خلق الله من الدنيا يوم عاشوراء، وأول مطر نزل من السّماء يوم عاشوراء، وأول رحمةٍ نزلت يوم عاشوراء، فمن صام يوم عاشوراء فكأنّما صام الدّهر كله، وهو صوم الأنبياء، ومن أحيا ليلة عاشوراء فكأنّما عبد الله تعالى مثل عبادة أهل السماوات السبع، ومن صلّى أربع ركعات يقرأ في كل ركعة الحمد مرة وخمسين مرة «قل هو الله أحد» غفر الله له خمسين عاماً ماضٍ وخمسين عاماً مستقبل، وبنى له في الملأ الأعلى ألف منبر من نور، ومن سقى شربة من ماء فكأنّما لم يعصِ الله طرفة عين، ومن أشبع أهل بيت مساكين يوم عاشوراء مرّ على الصراط كالبرق الخاطف، ومن تصدّق بصدقة يوم عاشوراء فكأنما لم يرد سائلاً قط، ومن اغتسل يوم عاشوراء لم يمرض مرضاً إلا مرض الموت، ومن اكتحل يوم عاشوراء لم ترمد عينه تلك السنة كلها، ومن أمرّ يده على رأس يتيم فكأنّما برّ يتامى ولد آدم كلهم، ومن صام يوم عاشوراء كتبت له عبادة سنة صيامها وقيامها، ومن صام يوم عاشوراء أعطي ثواب عشرة آلاف ملك، ومن صام يوم عاشوراء أعطي ثواب ألف حاج ومعتمر، ومن صام يوم عاشوراء أعطي ثواب ألف شهيد، ومن صام يوم عاشوراء كتب له أجر أهل سبع سموات، وفيه خلق الله السماوات والأرضين والجبال والبحار، وخلق العرش يوم عاشوراء، ورفع عيسى يوم عاشوراء، وخلق القلم يوم عاشوراء، وخلق اللوح يوم عاشوراء، وأعطي سليمان الملك يوم عاشوراء، ويوم القيامة يوم عاشوراء، ومن عاد مريضاً يوم عاشوراء فكأنما عاد مرضى ولد آدم كلّهم)[14].
[8] وقال أيضاً: (أنبأنا عبد الله بن علي المقري، قال: أنبأنا جدي أبو منصور الخياط، قال: أنبأنا عبد السلام بن أحمد الأنصاريّ، قال: حدّثنا أبو الفتح بن أبي الفوارس، قال: أنبأنا الحسن بن إسحاق بن زيد المعدل، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن مصعب، قال: حدّثنا محمّد بن عبد الله بن قهزاد، قال: حدّثنا حبيب بن أبي حبيب، عن إبراهيم الصائغ، عن ميمون بن مهران، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صام يوم عاشوراء كتب الله له عبادة ستين سنة بصيامها وقيامها، ومن صام يوم عاشوراء أعطي ثواب عشرة آلاف ملك، ومن صام يوم عاشوراء أعطي ثواب ألف حاج ومعتمر، ومن صام يوم عاشوراء أعطي ثواب عشرة آلاف شهيد، ومن صام يوم عاشوراء كتب الله له أجر أهل سبع سموات، ومن أفطر عنده مؤمن في يوم عاشوراء فكأنما أفطر عنده جميع أمة محمّد، ومن أشبع جائعاً في يوم عاشوراء فكأنما أطعم جميع فقراء أمة محمّد صلى الله عليه وسلم وأشبع بطونهم، ومن مسح على رأس يتيم رفعت له بكل شعرة على رأسه في الجنة درجة.
قال: فقال عمر: يا رسول الله، لقد فضّلنا الله عزّ وجلّ بيوم عاشوراء؟ قال: نعم، خلق الله عز وجل يوم عاشوراء والأرض كمثله، وخلق الجبال يوم عاشوراء والنجوم كمثله، وخلق القلم يوم عاشوراء واللوح كمثله، وخلق جبريل يوم عاشوراء، وملائكته يوم عاشوراء، وخلق آدم في يوم عاشوراء، وولد إبراهيم يوم عاشوراء، ونجّاه الله من النار يوم عاشوراء، وفداه الله يوم عاشوراء، وغرق فرعون يوم عاشوراء، ورفع إدريس يوم عاشوراء، وولد في يوم عاشوراء، وتاب الله على آدم في يوم عاشوراء، وغفر ذنب داود في يوم عاشوراء، وأعطى الله الملك لسليمان يوم عاشوراء، وولد النبي صلى الله عليه وسلم في يوم عاشوراء، واستوى الربّ عز وجل على العرش يوم عاشوراء، ويوم القيامة يوم عاشوراء.
قال المصنِّف: هذا حديث موضوع بلا شك)[15].
[9] قال أبو الحسنات اللكنويّ الهنديّ في ذكر بعض الأحاديث الموضوعة في عبادات ليلة عاشوراء ويومها: (ومنها: صلاة ليلة عاشوراء، مائة ركعة، في كل ركعة يقرأ بعد الفاتحة سورة الإخلاص ثلاث مرات. ومنها: صلاة وقت السحر من ليلة عاشوراء، وهي أربع ركعات، في كل ركعة بعد الفاتحة يقرأ آية الكرسي ثلاث مرات وسورة الإخلاص إحدى عشر مرة، وبعد الفراغ يقرأ سورة الإخلاص مائة مرة. ومنها: صلاة يوم عاشوراء عند الإشراق: يصلي ركعتين، في الأولى بعد الفاتحة آية الكرسي، وفي الثانية: «لو أنزلنا هذا القرآن» إلى آخر سورة الحشر. ويقول بعد السلام: يا أول الأولين، ويا آخر الآخرين، لا إله إلا أنت، خلقت أول ما خلقت في هذا اليوم وتخلق آخر ما تخلق في هذا اليوم، أعطني فيه خير ما أوليت فيه أنبياءك وأصفياءك من ثواب البلايا، وأسهم لنا ما أعطيتهم فيه من الكرامة بحق محمّد عليه الصلاة والسلام.
ومنها: صلاة يوم عاشوراء: ست ركعات، في الأولى بعد الفاتحة سورة الشمس، وفي الثانية «إنا أنزلناه»، وفي الثالثة «إذا زلزلت»، وفي الرابعة سورة الإخلاص، وفي الخامسة سورة الفلق، وفي السادسة سورة الناس، ويسجد بعد السلام ويقرأ فيها «قل يا أيها الكافرون» سبع مرات ويسأل الله حاجته.
ومنها: صلاة الخُصَماء، وهي أربع ركعات يصليها في يوم عاشوراء وآخر جمعة من رمضان ويوم التروية ويوم عيد الأضحى ويوم عرفة وخامس عشر شعبان، ويقرأ في الأولى بعد الفاتحة سورة الإخلاص إحدى عشر مرة، وفى الثانية سورة «قل يا أيها الكافرون» ثلاث مرات وسورة الإخلاص إحدى عشرة مرة، وفي الثالثة سورة التكاثر مرة وسورة الإخلاص إحدى عشر مرة، وفي الرابعة آية الكرسي ثلاث مرات وسورة الإخلاص خمساً وعشرين مرة)[16].
وأمّا بالنسبة إلى كلمات علماء العامّة في ما يتعلّق بهذه الأخبار المكذوبة المفتضحة، فقد أنكرها وكذّبها جملة منهم، ونصُّوا على أنّها من الموضوعات المختلقة، وأنّها وُضِعت معاندةً للشّيعة، وإنْ كان الحقُّ أنّها من موضوعات بني أميّة كما ذكرنا، وقد وُضعت شماتةً بمصاب الحسين -عليه السّلام- وفرحاً به وتبرّكاً بيوم مصيبته.
قال الحافظ ابن الجوزيّ: (قد تمذهب قومٌ من الجُهّال بمذهب أهل السنّة فقصدوا غيظ الرّافضة فوضعوا أحاديث في فضائل عاشوراء، ونحن براءٌ من الفريقين)[17].
وقال ابن تيميّة: (وأحدث بعض الناس فيه أشياء مستندة إلى أحاديث موضوعة، لا أصل لها، مثل: فضل الاغتسال فيه، أو التكحل، أو المصافحة وهذه الأشياء ونحوها من الأمور المبتدعة، كلها مكروهة، وإنّما المستحبّ صومه. وقد روي في التوسيع على العيال في آثار معروفة أعلى ما فيها حديث إبراهيم بن محمّد بن المنتشر عن أبيه قال: «بلغنا أنه من وسّع على أهله يوم عاشوراء وسّع الله عليه سائر سنته»، رواه عنه ابن عيينة، وهذا بلاغٌ منقطعٌ، لا يُعرف قائله. والأشبه أنّ هذا وُضِعَ لما ظهرت العصبية بين الناصبة والرافضة؛ فإنّ هؤلاء اتخذوا يوم عاشوراء مأتماً، فوضع أولئك فيه آثاراً تقتضي التوسّع فيه واتخاذه عيداً، وكلاهما باطل)[18].
وقال أيضاً: (فعارض هؤلاء قوم إما من النّواصب المتعصبين على الحسين وأهل بيته، وإما من الجهّال الذين قابلوا الفاسد بالفاسد، والكذب بالكذب، والشرَّ بالشرِّ، والبدعة بالبدعة، فوضعوا الآثار في شعائر الفرح والسرور يوم عاشوراء كالاكتحال والاختضاب، وتوسيع النفقات على العيال، وطبخ الأطعمة الخارجة عن العادة، ونحو ذلك مما يفعل في الأعياد والمواسم، فصار هؤلاء يتّخذون يوم عاشوراء موسماً كمواسم الأعياد والأفراح)[19].
وقال أيضاً: (وصلواتٌ أخر تذكر في الأشهر الثلاثة، وصلاة ليلتي العيدين وصلاة يوم عاشوراء، وأمثال ذلك من الصلوات المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم، مع اتفاق أهل المعرفة بحديثه أن ذلك كذب عليه، ولكن بلغ ذلك أقواماً من أهل العلم والدّين فظنوه صحيحاً فعملوا به، وهم مأجورون على حسن قصدهم واجتهادهم، لا على مخالفة السنّة)[20].
وقال أيضاً: (ورووا فضائل في صلاة يوم عاشوراء ورووا أن في يوم عاشوراء توبة آدم واستواء السفينة على الجودي وردّ يوسف على يعقوب وإنجاء إبراهيم من النّار وفداء الذّبيح بالكبش ونحو ذلك. ورووا في حديث موضوع مكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم أنّه من وسّع على أهله يوم عاشوراء وسّع الله عليه سائر السّنة. ورواية هذا كلّه عن النبيّ صلى الله عليه وسلم كذب)[21].
وقال أيضاً: (وكما يذكرون في فضائل عاشوراء ما ورد من التوسعة على العيال، وفضائل المصافحة والحناء والخضاب والاغتسال ونحو ذلك، ويذكرون فيها صلاة، وكل هذا كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم يصح في عاشوراء إلا فضل صيامه)[22].
وقال ابن قيّم الجوزيّة: (ومنها أحاديث الاكتحال يوم عاشوراء والتزيّن والتوسعة والصّلاة فيه وغير ذلك من فضائل لا يصح منها شيء ولا حديث واحد، ولا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه شيء غير أحاديث صيامه وما عداها فباطل. وأمثل ما فيها: «من وسّع على عياله يوم عاشوراء وسّع الله عليه سائر سنته». قال الإمام أحمد: «لا يصحّ هذا الحديث». وأما حديث الاكتحال والادّهان والتطيب فمن وضع الكذّابين)[23].
وقال زين الدين أحمد بن عبد العزيز المليباريّ -من فقهاء الشّافعيّة في القرن العاشر الهجريّ-: (وأمّا أحاديث الاكتحال والغسل والتطيّب في يوم عاشوراء فمن وضع الكذّابين)[24].
وقال الشّيخ محمّد بن عبد الوهّاب النجديّ: (وكل ما ذكر في يوم عاشوراء من الأعمال غير الصيام فلا أصل له، بل هو بدعة)[25].
أقول: يُستفاد من مجموع كلماتهم أنّ عاشوراء كانت من موارد وضع الحديث وجعله، ومن هنا ظهرت هذه الفضائل المبالغ في شأن يومها وليلتها من قبيل نسبة وقوع أمورٍ كثيرةٍ في عاشوراء، بالإضافة إلى ذكر الأعمال المستحبة من قبيل الاختضاب والاغتسال والاكتحال والتوسعة على العيال والصّلاة والصّدقة وغير ذلك من الطّاعات، والذي نريد إيضاحه بهذه العبارات هو أنّ ظهور هذه الروايات المتنوّعة بهذا النّحو من المبالغة لم يكن اعتباطياً، وإنّما هو أمرٌ له سياقه التاريخيّ، والذي يشير إلى جهود تيار معادٍ لأهل البيت والشيعة يدعم تحويل عاشوراء إلى ما يشبه ليالي الأعياد أو مطلق الليالي المباركة الخيّرة -وإن لم تكن ليلة عيد- حيث تستحبّ الطاعات وأعمال الخير، ولذلك تنوّعت الأعمال المذكورة بنحو يشبه إحياء الليالي المسنونة، وبهذا تحوّلت ليلة عاشوراء من ليلة حزن وعزاء وزيارة إلى ليلة دعاء وصلاة وتصدّق طلباً للخير والبركة وقضاء الحاجات، وليس هذا إلّا من سنن بني أميّة الذين تبرّكوا بيوم قتل سيّد الشهداء -أرواحنا فداه-.
الأمر الثّاني: نقد روايات إحياء ليلة العاشر من المحرّم
الرواية الأولى
قال السيّد ابن طاوس: (وأما فضل إحيائها: فقد رأينا في كتاب دستور المذكرين بإسناده عن النبي صلى الله عليه وآله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من أحيا ليلة عاشوراء فكأنّما عبد الله عبادة جميع الملائكة، وأجر العامل فيها كأجر سبعين سنة)[26].
وكتاب «دستور المذكّرين» من كتب العامّة، مؤلّفه الحافظ محمّد بن أبي بكر المدينيّ كما ذكر ذلك ابن طاوس في بعض المواضع[27]، وهذا الرّجل هو الحافظ أبو موسى المدينيّ المتوفى سنة 581 هجريّة، وهو من أعلام المحدِّثين عند العامّة، قال الحافظ الذهبيّ في ترجمته: (الإمام العلّامة، الحافظ الكبير، الثقة، شيخ المحدثين، أبو موسى محمّد بن أبي بكر عمر بن أبي عيسى أحمد بن عمر بن محمّد بن أحمد بن أبي عيسى المديني الأصبهاني الشافعي صاحب التصانيف)[28].
وقال المستشرق إتان كلبرگ إنّه لا يظهر ممّا نُقل عن هذا الكتاب ما يُشير إلى ميولٍ شيعيّةٍ في رواياته وإن كان قد نقل رواية في استحباب بعض الأدعية في ليلة عاشوراء[29]، متخيّلاً أنّ الإحياء بالعبادة في ليلة عاشوراء ممّا قد يتوافق مع سيرة الشّيعة.
والرواية مرسلة، وقد أورد الحافظ ابن الجوزيّ قريباً منها في كتابه (الموضوعات)، ولفظه: (حدّثنا محمّد بن ناصر، قال: أنبأنا أحمد بن الحسين بن قريش، قال: حدّثنا العشاريّ، قال: حدّثنا أبو بكر النوشري، قال: حدّثنا أحمد بن سلمان، قال: حدّثنا إبراهيم الحربيّ، قال: حدّثنا سريج بن النعمان، قال: حدّثنا ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن الأعرج، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أحيا ليلة عاشوراء فكأنّما عبد الله تعالى بمثل عبادة أهل السموات...)[30].
قال الحافظ الذهبيّ في ترجمة العشّاريّ المذكور في سند هذه الرواية: (محمّد بن عليّ بن الفتح، أبو طالب العشاريّ. شيخ صدوق معروف، لكن أدخلوا عليه أشياء فحّدث بها بسلامة باطنٍ، منها: حديثٌ موضوعٌ في فضل ليلة عاشوراء)[31].
الرواية الثانية
قال السيّد ابن طاوس: (فمن ذلك الرّواية عن النبيّ صلى الله عليه وآله، وجدناها عن محمّد بن أبي بكر المديني الحافظ من كتاب دستور المذكرين بإسناده المتّصل عن وهب بن منبّه، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من صلّى ليلة عاشوراء أربع ركعات من آخر الليل، يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب وآية الكرسي عشر مرات، و«قل هو الله أحد» عشر مرات، و«قل أعوذ برب الفلق» عشر مرات، و«قل أعوذ برب الناس» عشر مرات، فإذا سلم قرأ «قل هو الله أحد» مائة مرة، بنى الله تعالى له في الجنة مائة ألف ألف مدينة من نور، في كل مدينة ألف ألف قصر، في كل قصر ألف ألف بيت، في كل بيت ألف ألف سرير، في كل سرير ألف ألف فراش، في كل فراش زوجة من الحور العين، في كل بيت ألف ألف مائدة، في كل مائدة ألف ألف قصعة، في كل قصعة مائة ألف ألف لونٍ، ومن الخدم على كل مائدة ألف ألف وصيف، ومائة ألف ألف وصيفة، على عاتق كل وصيف وصيفة منديل.
قال وهب بن منبّه: صُمَّتْ أذناي إن لم أكن سمعت هذا من ابن عباس)[32].
وهذه الرّواية فيها إشكالات عديدة، أوّلها: أنّها رواية عاميّة من كتاب «دستور المذكّرين» المتقدّم ذكره، وثانيها: أنّها من طريق وهب بن منبّه، أحد منابع الخرافات الإسرائيليّة في التراث السنيّ[33]، وثالثها: أنّ أسلوب ذكر الثواب الوارد في الرواية أشبه بحديث العامّة ولا سيّما وضّاعيهم، ولم يُرَ له نظيرٌ في الأحاديث الواردة من طرق الثقات عند الإماميّة. وليس الكلام هاهنا عن عظمة مقدار الثواب، فلا إشكال لنا من هذه الجهة، وإنّما على لحن الرّواية وأسلوبها، فهو أشبه ما يكون بحديث العامّة، وكونه مرويّاً في كتاب «دستور المذكّرين» يؤيّد ذلك. وهذا الأسلوب في ذكر الثّواب رائج في أحاديث العامّة وما يُروى من طرقهم ولا سيّما عند وضّاعيهم، ومن ذلك ما رواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده، وهي خطبة طويلة جداً عن النبيّ -صلى الله عليه وآله-، ومما جاء فيها: (ومن بنى لله مسجداً أعطاه الله بكلِّ شبرٍ -أو قال: بكل ذراع- أربعين ألف مدينة من ذهب وفضة ودر وياقوت ولؤلؤ، في كل مدينة أربعين ألف قصر، في كل قصر سبعون ألف دار، في كل دار أربعون ألف بيت، في كل بيت أربعون ألف ألف سرير، وعلى كل سرير زوجة من الحور العين، وفي كل بيت أربعون ألف وصيفة، وفي كل بيت أربعون ألف ألف مائدة، على كل مائدة أربعون ألف ألف قصعة، في كل قصعة أربعون ألف ألف لون من الطعام، ويعطي الله وليَّه من القوة ما يأتي على الأزواج وذلك الطعام والشراب في يوم واحد، ومن تولى أذان مسجد من مساجد الله يريد بذلك وجه الله أعطاه الله ثواب أربعين ألف ألف نبيّ، وأربعين ألف ألف صديق، وأربعين ألف ألف شهيد، ويدخل في شفاعته أربعون ألف ألف أمة، في كل أمة أربعون ألف ألف رجل، وله في كل جنّة من الجنان أربعون ألف ألف مدينة، في كل مدينة أربعون ألف ألف قصر، في كل قصر أربعون ألف ألف دار، في كل دار أربعون ألف ألف بيت، في كل بيت أربعون ألف ألف سرير، على كل سرير زوجة من الحور العين، سعة كل بيت منها سعة الدنيا أربعين ألف ألف مرة، بين يدي كل زوجة أربعون ألف ألف وصيفة، في كل بيت أربعون ألف ألف مائدة، على كل مائدة أربعون ألف ألف قصعة، في كل قصعة أربعون ألف ألف لون..إلخ)[34].
وهو شبيه أيضاً بما رواه الصّدوق -بإسنادٍ من أسانيد العامّة لا من طرق أصحابنا الإماميّة[35]- في خبر طويل عن فضائل شهر رجب، وفيه عن ثواب صيام شهر رجب كلّه: (ومن صام من رجب ثلاثين يوماً نادى منادٍ من السّماء: يا عبد الله، أما ما مضى فقد غُفِرَ لك فاستأنف العمل فيما بقي، وأعطاه الله عز وجل في الجنان كلّها في كل جنة أربعين ألف مدينة من ذهب، في كلّ مدينة أربعون ألف ألف قصر، في كلّ قصرٍ أربعون ألف ألف بيت، في كل بيت أربعون ألف ألف مائدة من ذهب، على كل مائدة أربعون ألف ألف قصعة، في كل قصعة أربعون ألف ألف لون من الطعام والشراب، لكل طعام وشراب من ذلك لون على حدة، وفي كل بيت أربعون ألف ألف سرير من ذهب، طول كل سرير ألفا ذراع في ألفي ذراع، على كل سرير جارية من الحور، عليها ثلاثمائة ألف ذؤابة من نور، تحمل كل ذؤابة منها ألف ألف وصيفة [!!]، تغلفها بالمسك والعنبر إلى أن يوافيها صائم رجب، هذا لمن صام شهر رجب كلّه)[36].
وإجمالاً: هذا النوع الرديء من الألفاظ لم يُعهد في أخبار الإماميّة المعتبرة، بل هو معهودٌ في الروايات الموضوعة عند العامّة، فلا وثوق بمثل هذه الروايات، بل هي أقربُ إلى الكذب والوضع.
الرواية الثالثة
قال السيّد ابن طاوس: (ومن ذلك ما رويناه أيضاً في كتاب دستور المذكّرين بإسناده المتّصل عن أبي أمامة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من صلّى ليلة عاشوراء مائة ركعة بالحمد مرة و«قل هو الله أحد» ثلاث مرات، ويسلم بين كلّ ركعتين، فإذا فرغ من جميع صلاته قال: «سبحان الله والحمد لله ولا إله الا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم» سبعين مرة.
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من صلّى هذه الصلاة من الرجال والنساء ملأ الله قبره إذا مات مسكاً وعنبراً، ويدخل إلى قبره في كل يوم نور إلى أن ينفخ في الصور، وتوضع له مائدة منها نعيم يتناعم به أهل الدنيا منذ يوم خلق إلى أن ينفخ في الصور، وليس من الرجال والنساء إذا وضع في قبره إلا يتساقط شعورهم إلّا من صلى هذه الصّلاة، وليس أحد يخرج من قبره إلّا أبيض الشّعر إلّا من صلّى هذه الصّلاة.
والذي بعثني بالحقّ إنه من صلّى هذه الصّلاة فإنّ الله عزّ وجلّ ينظر إليه في قبره بمنزلة العروس في حجلته إلى أن ينفخ في الصّور، فإذا نفخ في الصّور يخرج من قبره كهيئته إلى الجِنان كما يُزفّ العروس إلى زوجها. ثمّ ذكر تمام الحديث في تعظيم يوم عاشوراء وعمل الخير فيه، وقد قصدنا ما يتعلق بليلة عاشوراء)[37].
وهذه الرّواية فيها إشكالات عديدة، أوّلها: أنّها رواية عاميّة من كتاب «دستور المذكّرين» وقد تقدّم الكلام فيه، وثانيها: أنّ إسنادها إلى أبي أمامة عن النبيّ -صلّى الله عليه وآله- مجهولٌ.
ثُمّ إنّ تعليق السيّد ابن طاوس في ذيل الرّواية يزيد الرّيب في كونها من موضوعات العامّة؛ فإنّه ذكر أنّ للرواية تتمّةً في تعظيم يوم عاشوراء وعمل الخير فيه، وهذا مشابه لحديث العامّة في شأن عاشوراء من قبيل التصدّق والتوسعة على العيال والصوم والاختضاب والاغتسال والاكتحال وتلاوة القرآن والصّلاة وإفطار الصّائم وغير ذلك من أعمال الخير مما لم يرد شيء منه في روايات أهل البيت عليهم السّلام، فليس يوم عاشوراء في أحاديث الإماميّة وقتاً معيّناً لمثل هذه الأعمال وإن كانت حسنةً في نفسها، وإنّما هو يوم مصيبةٍ وحزنٍ وعزاءٍ وزيارةٍ -كما هو المنصوص في الآثار المعتبرة عن الأئمّة عليهم السّلام-.
الرواية الرّابعة
قال السيّد ابن طاوس: (ومن ذلك ما رأيناه في بعض كتب العبادات عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: من صلّى مائة ركعة ليلة عاشوراء يقرأ في كل ركعة الحمد مرة و«قل هو الله أحد» ثلاث مراتٍ، ويسلّم بين كل ركعتين، فإذا فرغ من جميع صلاته قال: «سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وأستغفر الله» سبعين مرة. وذكر من الثواب والإقبال ما يبلغه كثير من الآمال والأعمال، ويطول به شرح المقال)[38]، ولم يحدّد السيّد -رحمه الله- المراد من هذه الكتب، وهذه الصّلاة لم أرَها في كتب الخاصّة والعامّة بهذه السياقة. نعم؛ ذكر بعض علماء العامّة في الصلوات التي نصّوا على اختلاقها صلاة مائة ركعة في كل ركعة يقرأ بعد الفاتحة سورة الإخلاص ثلاث مرات، وقد تقدّم ذكرها ضمن ما ذكره أبو الحسنات اللكنويّ الهنديّ في العبادات الموضوعة ليلة عاشوراء.
الرّواية الخامسة
قال السيّد ابن طاوس: (من الصّلوات يوم عاشوراء في رواية أخرى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: يصلّي ليلة عاشوراء أربع ركعات في كل ركعة الحمد مرة، و«قل هو الله أحد» خمسون مرّة، فإذا سلّمت من الرابعة فأكثر ذكر الله تعالى، والصّلاة على رسوله، واللّعن لأعدائهم ما استطعت)[39].
وهذه الرواية مجهولة المصدر؛ إذ لم يُعرف الكتاب الذي نُقلت منه، وهي أشبه ببعض صلوات العامّة المذكورة في هذه اللّيلة، كما أنّ التعبّد باللّعن في ليلة عاشوراء في صدر الإسلام -حيث إنّ الرواية نبويّة- لا يخلو من غرابةٍ لا سيّما بملاحظة الفضاء العامّ لروايات الحقبة النبويّة. على أنّ جهة اللّعن غير واضحةٍ؛ فإنّ عنوان (أعداء الله والرّسول) عامٌّ، ويُحتمل أن يكون من مختلقات النّواصب الشّاميين المتعبّدين بالعداء لأهل البيت عليهم السّلام.
الرّواية السّادسة
قال: (ومن الصّلوات والدّعوات ليلة عاشوراء ما ذكره صاحب المختصر من المنتخب، فقال ما هذا لفظه: الدعاء في ليلة عاشوراء أن يصلي عشر ركعات، يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة واحدة، و«قل هو الله أحد» مائة مرة. وقد روي أن يصلي مائة ركعة يقرأ في كل ركعة الحمد مرة و«قل هو الله أحد» ثلاث مرات، فإذا فرغت منهنّ وسلّمتَ تقول: «سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم» مائة مرة -وقد روي سبعين مرة- و«أستغفر الله» مائة مرة، -وقد روي سبعين مرة-، و«صلّى الله على محمّد وآل محمّد» مائة مرة، وقد روي سبعين مرة)[40].
وكتاب «المختصر من المنتخب» لم يُعرَفْ مؤلّفه، وإنْ كانت بعض المنقولات عنه تُبرز صبغةً شيعيّةً[41]، ولم يُذكر للرواية إسنادٌ، كما أنّ الكيفيّة الثّانية تُشبه إلى حدٍّ ما بعض صلوات العامّة في هذه الليلة ممّا رواه الحافظ أبو موسى المدينيّ في «دستور المذكّرين»، وقد تقدّم ذكرها في الرواية الثّالثة المنقولة عن أبي أمامة عن النبيِّ.
وهذه الرّواية وإن كانت من كتابٍ مؤلِّفُه شيعيٌّ على الظّاهر إلّا أنّه لا يُعرَف مأخذها ولا إسنادها، ومن المحتمل بقوّة أن تكون من صلوات العامّة لشباهتها بها، ولذا لا يُكتفى بمثل هذه الرواية في إثبات كون هذه الليلة من ليالي العبادة والإحياء.
ثُمّ ذكرَ السيّد ابن طاوس الدّعاءَ بطوله عن كتاب الرياض -وهو غير معروفٍ أيضاً- وفي أواخر الدّعاء صلاة بتراء من دون ذكر الصّلاة على آل محمّد[42].
ذكر القرائن المؤيّدة لاستبعاد صدور هذه الروايات
بعد التأمّل في الروايات المذكورة، نذكر جملة من القرائن التي تبعث على الرّيب في صدور روايات إحياء ليلة العاشر -فضلاً عمّا ذكرناه من الإشكالات في كلّ موضع سابق-، ومنها:
القرينة الأولى: إنّ الأعمال المذكورة في إحياء ليلة العاشر من المحرّم مأخوذةٌ من كتب العامّة، أو كتبٍ مجهولةٍ لا يُعرف مؤلّفوها، وبهذا لا يظهر أنّ هذه الأخبار نابعةٌ من الكتب المعتبرة في تراث الإماميّة المتقدّمين.
القرينة الثّانية: إنّ معظم الأخبار المرويّة لبيان فضل الإحياء في هذه الليلة مرويّةٌ عن النبيّ -صلى الله عليه وآله- وليس فيها إلّا رواية واحدةٌ عن أمير المؤمنين عليه السلام -سيأتي ذكرها والكلام حولها-، وهذا يلوّح بكون تلك الروايات عاميّة المصدر، فإنّ هذا لم يكد يتّفق حدوثه في روايات ليالي الإحياء في شهور السّنة كلها، فما من ليلةِ إحياءٍ إلّا وكان أكثر أخبارها عن أئمّة أهل البيت -عليهم السّلام-، وإذا كانت هذه الليلة من ليالي الإحياء حقّاً، فلم لم يظهر ذلك من سيرة الأئمّة -عليهم السّلام- ولم يروَ عنهم فيها شيءٌ؟! فهذا مما يؤيّد عدم جريان سيرتهم -عليهم السّلام- على الاهتمام بإحياء هذه اللّيلة.
القرينة الثّالثة: من الأمور اللّافتة للنظر أيضاً خلوّ هذه الأعمال من التعرّض لذكر سيّد الشهداء -عليه السّلام- ومصيبته، بينما إذا عاينّا أعمال ليلة النّصف من شعبان، فمع كونها من السّنن المأثورة قبل ولادة صاحب الزّمان -عليه السّلام- إلّا أنّه أُثرت فيها أعمال تعرّضت لذكره الشّريف -عجّل اللهُ فرجَه-، وقد اعتنى الأئمّة -عليهم السّلام- باستحضار ذكر سيّد الشهداء -عليه السّلام- في مواضع عديدة ليست قريبةً زماناً من يوم عاشوراء، فحثّوا على زياته في الأوّل من رجب والنصف من شعبان ويوم عرفة والعيدين، وليلة عاشوراء أولى بأن تكون مشحونةً بذكر سيّد الشهداء ومع ذلك لا تكاد تجدُ ذكراً له في هذه الأعمال.
القرينة الرّابعة: من الأمور التي تزيد الرّيب في صحّة هذه الروايات -بعد الالتفات إلى خلوّ الأصول الحديثية عند الإماميّة منها- قوّةُ دواعي الوضع عند رواتها بحسب ما يظهر من الظّروف الزمانيّة والمكانيّة لظهور هذه الأحاديث؛ وذلك لوجود اتّجاه سياسي دينيّ يعمل على تحويل يوم عاشوراء إلى يوم بهجة وشكر وتوسعة وعبادة.
القرينة الخامسة: الظّاهر من روايات الأئمّة -عليهم السّلام- أنّ الإحياء عادةً ما يكون في ليالي الأعياد كما في ليلة عيد الفطر وليلة عيد الأضحى أو الليالي المباركة التي تُعرف بالخير والبركة واستجابة الدّعاء كما هو الحال بالنسبة إلى ليلة النّصف من شعبان وليالي القدر، وليلة عاشوراء ليست كذلك عند أهل البيت -عليهم السّلام-، بل هي ليلة حزن وعزاء وزيارة، ويوم عاشوراء من الأيام التي نُعتِتْ بالشّؤم -كما في خبر جعفر بن عيسى عن الرّضا عليه السّلام- ورُتّب على ذلك أثرٌ بأنّه ليس يوم صومٍ، فلا يُترقّب أن تكون ليلة العاشر من ليالي الإحياء التي يُطلب فيها الخير والبركة بالصّلاة والدّعاء والتضرّع، ومن هنا نُلاحظ أنّه لا يوجد انسجام بين طبيعة هذه الأعمال المرويّة في إحياء هذه الليلة وبين ما لهذه الليلة من خصوصيّات عند أئمّتنا -عليهم السّلام-، بل إنّه قد نُهِي عن بعض العبادات في عاشوراء؛ وهذا النّهي الصّادر من الأئمّة -عليه السّلام- إنّما هو مضادّة للأكاذيب الأمويّة التي بُثّت في الأحاديث المنسوبة إلى النبيّ -صلى الله عليه وآله- بالحثّ على العبادة والتوسعة.
روى الكلينيّ بإسناده عن جعفر بن عيسى، قال: (سألت الرضا -عليه السلام- عن صوم عاشوراء وما يقول الناس فيه، فقال: عن صوم ابن مرجانة تسألني؟! ذلك يوم صامه الأدعياء من آل زياد لقتل الحسين -عليه السلام-، وهو يوم يتشأم به آل محمّد -صلى الله عليه وآله- ويتشأم به أهل الإسلام واليوم الذي يتشأم به أهل الإسلام لا يُصام ولا يتبرك به)[43]، فنجدُ أنّ الإمام قد نهى عن الصّوم مع كونه عملاً حسناً في نفسه، وليس ذلك إلّا لعدم وجود المناسبة بين هذا العمل وذلك الوقت المعيّن.
وروى أيضاً بإسناده عن زيدٍ النرسيّ، قال: (سمعتُ عبيد بن زرارة يسأل أبا عبد الله -عليه السلام- عن صوم يوم عاشوراء، فقال: من صامه كان حظُّه من صيام ذلك اليوم حظّ ابن مرجانة وآل زياد. قال: قلت: وما كان حظُّهم من ذلك اليوم؟ قال: النار، أعاذنا الله من النار، ومن عملٍ يقرب من النار)[44]، وهنا نرى أنّ الإمام يبيّن أنّ الصوم مع كونه عبادة توجب الثواب إلّا أنّه أوجب العقوبة هاهنا؛ لدخول عاملٍ آخر يسعى إلى تحويل يوم عاشوراء من يوم شؤم ومصيبة وعزاء إلى يوم طاعةٍ وشكرٍ وقربةٍ؛ رغبةً منهم في البركة وإغفالاً للنّاس عن مصيبة الحسين -عليه السّلام-.
ورُوي أنّ الصّادق -عليه السّلام- سُئل عن صوم يوم تاسوعاء وعاشوراء فقال: (تاسوعاء يومٌ حوصر فيه الحسين عليه السّلام وأصحابه رضي الله عنهم بكربلاء، واجتمع عليه خيل أهل الشّام، وأناخوا عليه، وفرح ابن مرجانة وعمر بن سعد بتوافر الخيل وكثرتها، واستضعفوا فيه الحسين صلوات الله عليه وأصحابه كرّم الله وجوههم، وأيقنوا أن لا يأتي الحسين عليه السّلام ناصرٌ، ولا يمدّه أهل العراق، بأبي المستضعف الغريب).
ثم قال: (وأما يوم عاشوراء فيوم أصيب فيه الحسين -عليه السلام- صريعاً بين أصحابه، وأصحابه صرعى حوله عراةً، أفصومٌ يكون في ذلك اليوم؟! كلا وربّ البيت الحرام، ما هو يومُ صومٍ، وما هو إلّا يوم حزنٍ ومصيبةٍ دخلت على أهل السماء وأهل الأرض وجميع المؤمنين، ويوم فرحٍ وسرورٍ لابن مرجانة وآل زياد وأهل الشّام غضب الله عليهم وعلى ذرياتهم، وذلك يوم بكت عليه جميع بقاع الأرض خلا بقعة الشام، فمن صامه أو تبرّك به حشره الله مع آل زياد ممسوخ القلب مسخوطاً عليه، ومن ادّخر إلى منزله ذخيرةً أعقبه الله تعالى نفاقاً في قلبه إلى يوم يلقاه، وانتزع البركة عنه وعن أهل بيته وولده، وشاركه الشيطان في جميع ذلك)[45]، وقول الإمام هنا ظاهرٌ في حصر يوم عاشوراء بالحزن والمصيبة، فليس هو من أوقات ذلك النوع من العبادات، والنكتة نفسها تجري في شأن ليلة عاشوراء أيضاً، فهي ليلة حزن وعزاء أيضاً.
وروى الشيخ الصّدوق بإسناده عن الرّضا -عليه السّلام-: (من ترك السّعي في حوائجه يوم عاشوراء قضى الله له حوائج الدنيا والآخرة، ومن كان يوم عاشوراء يوم مصيبته وحزنه وبكائه جعل الله عز وجل يوم القيامة يوم فرحه وسروره، وقرّت بنا في الجنان عينه، ومن سمّى يوم عاشوراء يوم بركة وادّخر فيه لمنزله شيئاً لم يبارك له فيما ادّخر، وحشر يوم القيامة مع يزيد وعبيد الله بن زياد وعمر بن سعد -لعنهم الله- إلى أسفل درك من النار)[46]، وهذه الرواية ردٌّ من الإمام على روايات التوسعة التي افتراها بنو أميّة، ورواها العامّة، وهذا يشير إلى موقف أهل البيت -عليهم السّلام- المعارض لمفتريات الأمويين في شأن عاشوراء.
قراءة أخرى في روايات أعمال ليلة العاشر
قال الشّيخ المفيد في «المقنعة»: (ويغلظ عقاب من أتى محظوراً في ليالي الجمع وأيّامها، وليالي العبادات وأيّامها، كليلة النّصف من شعبان، وليلة الفطر ويومه، ويوم سبعة وعشرين من رجب، وخمسة وعشرين من ذي القعدة، وليلة سبع عشرة من شهر ربيع الأول ويومه، وليلة الغدير ويومه، وليلة عاشوراء ويومه)[47].
وروى الشّيخ الطوسيّ في «مصباح المتهجّد» مرسلاً: (وروى الحارث بن عبد الله عن عليٍّ عليه السّلام، قال: إنِ استطعتَ أن تحافظ على ليلة الفطر وليلة النّحر وأول ليلة من المحرم وليلة عاشوراء وأول ليلة من رجب وليلة النّصف من شعبان فافعل، وأكثر فيهنّ من الدّعاء والصّلاة وتلاوة القرآن)[48].
ومن الممكن أنّ يُقال إنّ قول الشّيخ المفيد ومرسلة الشيخ الطوسيّ يشيران إلى وجود بعض الأحاديث في إحياء ليلة عاشوراء بالعبادة، وأنّ هذا الأمر كان في سيرة النبيِّ صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السّلام، إلّا أنّ هذه السنّة لم تظهر جليّةً في سيرة الأئمّة من بعدهما، ولعلّ الوجه في ذلك: أنّ يوم عاشوراء قبل نزول شهر رمضان كان يوم صيامٍ بحسب ما تفيده جملةٌ من الأخبار، فيناسب أن تكون ليلته ليلة عبادة، ثمّ لمّا نُسخ صوم عاشوراء بنزول شهر رمضان ارتفعت خصوصيّة هذا اليوم وليلته، ثمّ إنّ الأئمّة بعد قتل الحسين عليه السّلام بالغوا في النّهي عن العبادات المخصوصة في عاشوراء فتأكّد بذلك عدم محبوبيّة الإحياء نبذاً ومخالفةً لسيرة النّواصب الذين كانوا يتعبدون طلباً للبركة والخير في يوم عاشوراء وليلته. هذا كلّه على تقدير صحّة ما رُوي عن النبيّ -صلّى الله عليه وآله-، وإلّا فإنّ مجموع هذه الأخبار لا يورث اطمئناناً بكون هذه اللّيلة من ليالي الإحياء.
روى الكلينيّ بإسناده عن نجيّة بن الحارث العطّار، قال: سألت أبا جعفر عليه السّلام عن صوم يوم عاشوراء، فقال: (صومٌ متروكٌ بنزول شهر رمضان، والمتروك بدعة)[49].
وروى بإسنادٍ آخر عن زرارة عن الباقر والصّادق عليهما السلام: (لا تصم في يوم عاشوراء ولا عرفة بمكة ولا في المدينة ولا في وطنك ولا في مصرٍ من الأمصار)[50].
وروى الكلينيّ بإسناده عن أبي الجارود عن الباقر عليه السلام: (فرض الله عزّوجلّ على العباد خمساً، أخذوا أربعاً وتركوا واحداً. قلت: أتسمّيهنَّ لي، جُعلت فداك؟ فقال: الصّلاة، وكان النّاس لا يدرون كيف يصلّون، فنزل جبرئيل عليه السلام، فقال: يا محمّد، أخبرهم بمواقيت صلاتهم. ثمّ نزلت الزّكاة، فقال: يا محمّد، أخبرهم من زكاتهم ما أخبرتهم من صلاتهم. ثمّ نزل الصّوم فكان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا كان يوم عاشوراء بعث إلى ما حوله من القرى فصاموا ذلك اليوم فنزل صوم شهر رمضان بين شعبان وشوّال...)[51].
قال المازندرانيّ: (وفيه دلالةٌ على أنّه نُسِخَ صوم عاشوراء بصوم هذا الشّهر)[52].
وقد روى بعض علماء العامّة ما يشهد لهذا الأمر، فقد روى أبو داود الطيالسيّ بإسناده عن جابر بن سمرة، قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بصيام عاشوراء ويحثُّنا عليه ويتعاهدنا عنده، فلما فُرِضَ رمضان لم يأمرنا به ولم ينهنا عنه ولم يتعاهدنا عنده)[53].
وروى أحمد بإسناده عن عبد الرحمن بن يزيد، قال: (دخل الأشعث بن قيس على عبد الله -يعني: ابن مسعود-، يوم عاشوراء وهو يتغدى، فقال: يا أبا محمّد، ادنُ للغداء، قال: أوليس اليوم عاشوراء؟ قال: وتدري ما يوم عاشوراء؟ إنّما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه قبل أن ينزل رمضان، فلما أنزل رمضان ترك)[54].
وروى بإسنادٍ آخر عن عبد الله بن عمر أنّه قال في صوم يوم عاشوراء: (صامه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر بصومه، فلما فُرِضَ رمضان تُرِكَ)[55].
وروى بإسنادٍ آخر عن قيس بن سعد بن عُبادة: (أمرنا النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن نصوم عاشوراء قبل أن ينزل صيام رمضان، فلما نزل صيام رمضان لم يأمرنا، ولم ينهنا، ونحن نفعله)[56].
وروى بإسنادٍ آخر عن عائشة: (كان يوم عاشوراء يوماً تصومه قريش في الجاهلية، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه، فلمّا قدم المدينة صامه، وأمر بصيامه، فلمّا نزل صوم رمضان، كان رمضان هو الفريضة، وترك عاشوراء، فكان من شاء صامه، ومن شاء لم يصمه)[57].
والحاصل من هذه الأخبار وغيرها أنّ صوم يوم عاشوراء هو نافلةٌ منسوخةٌ بنزول شهر رمضان، وتأكّد ذلك بعدول الأئمّة عليهم السلام عن هذه السّيرة بعد مقتل الحسين عليه السلام نبذاً لموافقة النّواصب، وعلى أيّ تقديرٍ فهذا يبيّن أنّ هذا اليوم كان يمتاز بخصوصيّة -ولو بمرتبةٍ معيّنةٍ- قبل نزول شهر رمضان، فمن غير المستبعد أن تكون ليلة عاشوراء كذلك، فتكون من ليالي الإحياء بالعبادة، لما ليومها من فضلٍ، وهذا يبرز الوجه في كون معظم روايات الإحياء عن النبيِّ صلى الله عليه وآله، إلّا أنّه لمّا نزل صوم شهر رمضان أعرض النبيّ صلى الله عليه وآله عن صوم هذا اليوم وإحياء ليلته.
وعلى ما تقدّم، يكون إحياء ليلة العاشر من المحرّم في سيرة النبيِّ صلى الله عليه وآله من التنفّل بالعبادة، وقد عدل عنه بعد نزول شهر رمضان، ولمّا قُتل الحسين عليه السلام تأكّد إعراض الأئمّة عن إحيائها، وهذا هو السّبب في عدم وجود رواياتٍ في شأن ليلة العاشر في سيرة الأئمّة من بعد الحسين عليه السلام، حيث إنّهم عدلوا عن إحيائها لأنها نافلة منسوخة بنزول شهر رمضان -وفيه نوافل بديلة-، وتأكّد الإعراض عنه بعد مقتل الحسين صلوات الله عليه، وعلى فرض عدم ثبوت الأوّل -وهو وجود الخصوصية ثمّ نزول النّسخ- فلا مناص من التسليم بالثّاني وأنّ سيرتهم بعد مقتل سيد الشهداء عليه السلام يوم عاشوراء لم يظهر فيها أيّ اعتناء بإحياء هذه اللّيلة بالعبادة.
والحاصل: إنّ معظم كتب الحديث عند الإماميّة خاليةٌ من الإشارة إلى وجود خصوصيّة في ليلة عاشوراء في سيرة النبيِّ صلى الله عليه وآله، ورواية الشّيخ الطوسيّ في مصباحه مرسلة لا يمكن البناء عليها لاستفادة مثل هذا الأمر، ومن هنا يمكن القول بأنّ إحياء ليلة العاشر من المحرّم غير ثابتٍ في سيرة النبيّ والأئمّة عليهم السّلام، وأنّ هذه الأخبار المذكورة في إحيائها إمّا أنّها ناظرةٌ إلى نافلةٍ منسوخةٍ -وهذا قد يكون السرّ في إعراض قدماء الإماميّة عن الاهتمام بها-، أو أنّها مجعولة من قبل الوضّاعين عند العامّة -ولا سيّما أنّ جملةً وافرةً منها هي من كتبهم وبأسانيدهم-، وعلى تقدير التّسليم بوجود مثل هذه السّيرة فلا مناص من التسليم بكونها منسوخة، بل مع التّسليم بكونها نافلةً منسوخةً لا مناصّ من التّسليم بأنّ جملةً من هذه الأخبار موضوعةٌ لما يظهر عليها من أمارات الكذب وتناقلها عبر رواةٍ غير موثوقين في أخذ الدّين عنهم، فضلاً عن المبالغات الشّديدة في متونها بشأن ثواب هذه اللّيلة بلحنٍ غريبٍ لا يشبه حديث الثّقات وهو أشبه بلحن أحاديث الرّواة الوضّاعين عند العامّة.
الأمر الثالث: حول إحياء سيّد الشهداء -عليه السّلام- ليلة العاشر من المحرّم
ذكر المؤرّخون أنّ الحسين -عليه السّلام- قد أحيا ليلة العاشر من المحرّم بالصّلاة والدّعاء وتلاوة القرآن، فقد نقل الحافظ ابن كثير عن أبي مخنف روايةً طويلةً وفيها: (وبات الحسين وأصحابه طول ليلهم يصلّون ويستغفرون ويدعون ويتضرّعون، وخيول حرس عدوِّهم تدور من ورائهم، عليها عزرة بن قيس الأحمسي والحسين يقرأ: «ولَا يَحْسَبَنَّ الذِينَ كَفَرُوا أنّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأنفُسِهِمْ إنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ ليَزْدَادُوا إثْماً ولَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ • مَا كَانَ اللهُ لِيَذَرَ المُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ»)[58].
وقال السيّد ابن طاوس: (قال الراوي: وبات الحسين عليه السلام وأصحابه تلك الليلة ولهم دويٌّ كدويِّ النّحل ما بين راكعٍ وساجدٍ وقائمٍ وقاعدٍ)[59].
ولكن لا يُستفاد من هذا أنّ الإحياء في هذه الليلة مسنونٌ بخصوصه؛ فإنّ إحياء سيّد الشهداء -عليه السّلام- وأصحابه كان لعلّة خصوصيّة الظّرف (الزّمان والمكان) حيث كان اليوم اللّاحق يوم قتالٍ وشهادةٍ، ولو كان هذا الأمر معمولاً به من باب العمل بالسُّنّة لظُفِر به في سيرة الأئمّة -عليهم السّلام-، ولظهر ذلك في روايات الإماميّة عنهم، ولكنّك قد عرفت عدم ورود شيء معتبرٍ يحضّ على إحياء هذه الليلة، وأنّه لم يرد في شأنها ما يثبت أنّها من ليالي الإحياء.
ولذا فالمتعيّن -والذي يلائم خصوصيّة يوم عاشوراء- أن تكون ليلته ليلة عزاء وزيارة، فلا ينبغي التّقصير في إقامة مجالس العزاء والمحافظة على مظاهر الحزن والجزع على مصيبة سيّد الشهداء -صلوات الله عليه-، وإحياء هذه الليلة بهذه الأعمال.
روى الثقة الجليل ابن قولويه القميّ: (حدثني أبي وأخي وجماعة مشايخي، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن علي المدائني، قال: أخبرني محمّد بن سعيد البلخيّ، عن قبيصة، عن جابر الجعفي، قال: دخلت على جعفر بن محمّد عليهما السلام في يوم عاشوراء، فقال لي: هؤلاء زوار الله وحقٌّ على المزور أن يكرم الزائر، من بات عند قبر الحسين عليه السلام ليلة عاشوراء لقي الله يوم القيامة ملطخاً بدمه كأنما قُتِلَ معه في [عرصته][60])[61].
وهذه تدلّ على استحباب المبيت عند سيّد الشهداء -عليه السّلام- في هذه الليلة، وتختصّ بالحثّ على المبيت في الحائر الحسينيّ، ولا يظهر منها ما يتعلّق بكون هذه الليلة من ليالي الإحياء المسنون لمن هم خارج تلك البقعة الشريفة.
نتائج البحث:
1- لم يتضمّن تراث الإماميّة المتقدّمين إلى القرن الخامس الهجريّ - في الكتب الجامعة والمعتمدة- شيئاً من الروايات في فضل إحياء ليلة العاشر من المحرّم بالعبادة، ومن هنا يضعف الوثوق بكون هذه الليلة من ليالي الإحياء المسنون بالعنوان الخاصّ. نعم؛ انفرد الشيخ الطوسيّ بروايةٍ مرسلةٍ عن أمير المؤمنين عليه السلام، وقد ذكرنا توجيهاً آخر لها على فرض صدورها، وأنّه من المحتمل أن تكون العبادة في ليلة عاشوراء نافلة منسوخة بعد نزول شهر رمضان، وتأكّد ذلك بعد مقتل الحسين عليه السلام، ويؤيّد ذلك عدم ظهور هذا الأمر في سيرة الأئمّة عليهم السلام ولا سيّما بعد مقتل الحسين.
2- جميع الروايات التي نقلها السيّد ابن طاوس رحمه الله في فضل إحياء هذه الليلة إمّا من مصادر عاميّة أو مجهولة الهويّة لم نتمكّن من التعرّف على وثاقة مؤلّفيها أو مذاهبهم أو مصادرهم التي نقلوا عنها.
3- تشير الشّواهد التاريخيّة الكثيرة إلى أنّ بني أميّة -لعنهم الله- قد أكثروا من وضع الأحاديث في فضل الأعمال الحسنة في ليلة عاشوراء ويومها، وحيثُ إنّ مصدر أكثر هذه الأخبار من كتب العامّة فيمكن الاطمئنان بأنّ جملةً من هذه الأحاديث موضوعة؛ لقوّة دواعي الكذب عندهم وشدّة سعي النّواصب في ذلك، ويعزّز ذلك شهادة علماء الرّجال عند العامّة بوجود وضّاعين في أسانيدها، فضلاً عمّا في متونها من الاضطراب والكذب والمبالغة.
4- إنّ نهي الأئمّة -عليهم السّلام- عن بعض العبادات في عاشوراء، وإشارتهم إلى عدم التلاؤم بين طبيعة تلك الأعمال وما عليه يوم عاشوراء من الشؤم يشير إلى أنّ هذا اليوم وليلته ليسا من سنخ ليالي وأيّام العبادة التي سُنَّ إحياؤها؛ فإنّ العبادات المأثورة في ليالي الإحياء عادةً ما تكون في ليالي الأعياد أو في ليالي الخير والبركة، وقد عرفت وصف عاشوراء بالشؤم، فليس هو من مظانّ هذا النوع من القربات، ومن هنا يقوى استبعاد ورود نصوصٍ عن الأئمّة -عليهم السّلام- في الحث على الصّلاة والدّعاء وفعل الخيرات -على نحو الخصوصيّة والتعبّد به في هذه الليلة-.
والحاصل: لم يثبت من وجهٍ شرعيٍّ معتبرٍ أنّ إحياء ليلة العاشر من المحرم من السّنن المأثورة عن الأئمّة الطّاهرين عليهم السّلام، وإنّما الرّاجح في هذه اللّيلة هو إحياؤها بإقامة العزاء وذكر المصائب الجليلة التي حلّت بآل الرّسول -صلوات الله عليهم أجمعين-، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] قال العلّامة المجلسيّ: (ثم اعلم أن بعض الأصحاب يرجعون في المندوبات إلى أخبار المخالفين ورواياتهم ويذكرونها في كتبهم، وهو لا يخلو من إشكالٍ؛ لورود النهي في كثيرٍ من الأخبار عن الرجوع إليهم والعمل بأخبارهم، لا سيّما إذا كان ما ورد في أخبارهم هيئة مخترعة وعبادة مبتدعة لم يُعهَد مثلها في الأخبار المعتبرة)، انظر: بحار الأنوار، ج2، ص257.
[2] علل الشرائع، ج2، ص42، رقم الحديث 403، الباب 162: باب العلّة التي من أجلها صار يوم عاشوراء أعظم الأيّام مصيبة، ح1.
[3] الأمالي، ص189-190، رقم الحديث 198، المجلس 27، ح1.
([4] روى الشيخ الطوسيّ بإسناده عن عليّ بن الحسن، عن محمد بن عبد الله بن زرارة، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبان بن عثمان الأحمر، عن كثير النواء، عن أبي جعفر عليه السّلام، قال: لزقت السفينة يوم عاشوراء على الجوديّ فأمر نوح عليه السلام من معه من الجن والإنس أن يصوموا ذلك اليوم. وقال أبو جعفر عليه السلام: «أتدرون ما هذا اليوم؟! هذا اليوم الذي تاب الله عز وجل فيه على آدم وحواء عليهما السلام، وهذا اليوم الذي فلق الله فيه البحر لبني إسرائيل فأغرق فرعون ومن معه، وهذا اليوم الذي غلب فيه موسى عليه السلام فرعون، وهذا اليوم الذي ولد فيه إبراهيم عليه السلام، وهذا اليوم الذي تاب الله فيه على قوم يونس عليه السلام، وهذا اليوم الذي ولد فيه عيسى بن مريم عليه السلام، وهذا اليوم الذي يقوم فيه القائم عليه السلام»، انظر: تهذيب الأحكام، ج4، ص375، كتاب الصّيام، باب وجوه الصّيام وشرح جميعها على البيان، ح14. وهذا الخبر محمولٌ على التقيّة ولا سيّما أنّ راويه كثير النواء وهو بتريٌّ، وهو يوافق أخبار العامّة في تعظيم يوم عاشوراء والتي ذكروا فيها أحداث كثيرة اتّفق وقوعها كلّها في هذا اليوم، وقد تعرّض لهذا الفيض الكاشانيّ في (الوافي، ج11، ص76-77،) وقدّم خبر ميثم التمّار على رواية كثير النواء.
[5] الأمالي، ص667، رقم الحديث 1397، المجلس 36، ح4.
[6] مصباح المتهجّد، ص775.
[7] الجامع لشُعب الإيمان، ج5، ص334، رقم الحديث 3517.
[8] الضعفاء، ج3، ص144، رقم الترجمة 1256، رقم الحديث 1213.
[9] الضعفاء، ج3، ص467، رقم الترجمة 1624، رقم الحديث 1555.
[10] الفردوس بمأثور الخطاب، ج3، ص605، رقم الحديث 5897.
[11] الموضوعات من الأحاديث المرفوعات، ج2، ص432، رقم الحديث 1004.
[12] الموضوعات من الأحاديث المرفوعات، ج2، ص433-434، رقم الحديث 1005.
[13] كذا في المطبوع، والصحيح: (سريج).
[14] الموضوعات، ج2، ص567-569، رقم الحديث 1140.
[15] الموضوعات من الأحاديث المرفوعات، ج2، ص570-571، رقم الحديث 1141.
[16] الآثار المرفوعة في الأخبار الموضوعة، ص110-111.
[17] الموضوعات من الأحاديث المرفوعات، ج2، ص567.
[18] اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم، ج2، ص131.
[19] مجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية، ج25، ص309-310.
[20] مجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية، ج24، ص202.
[21] مجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية، ج25، ص300.
[22] منهاج السنّة النبوية، ج7، ص39.
[23] المنار المنيف في الصحيح والضعيف، ص103-104.
[24] فتح المعين بشرح قرّة العين بمهمّات الدين، ص280.
[25] موسوعة مؤلّفات محمد بن عبد الوهاب، المجلّد الثالث (آداب المشي إلى الصّلاة)، ص52.
[26] الإقبال، ج3، ص45.
[27] الإقبال، ج3، ص44.
[28] سير أعلام النبلاء، ج15، ص345.
[29] قال ما ترجمته: (آن گونه كه از اسناد و متون نقل شده در آن بدست مى آيد گويا تمايل صريح شيعى نداشته، گرچه مشتمل بر روايتى بوده كه استحباب ادعيه را در شب عاشورا متذكر مىشده است)، انظر: كتابخانه ابن طاوس، ص247
[30] الموضوعات من الأحاديث المرفوعات، ج2، ص432، رقم الحديث 1004.
[31] ميزان الاعتدال، ج3، ص656، رقم الترجمة 7989.
[32] الإقبال، ج3، ص46.
[33] قال الحافظ الذهبيّ في ترجمته: (وهب بن منبه بن كامل بن سيج بن ذي كبار، وهو الأُسوار، الإمام، العلامة، الأخباري، القصصي، أبو عبد الله الأبناوي، اليماني، الذماري، الصنعاني)، ثم قال: (وروايته للمسند قليلة، وإنما غزارة علمه في الإسرائيليات، ومن صحائف أهل الكتاب)، انظر: سير أعلام النبلاء، ج4، ص544-545.
[34] انظر: بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث، ج1، ص309-319، رقم الحديث 205.
[35] إسناد الصّدوق: (حدّثنا محمّد بن أبي إسحاق بن أحمد اللّيثيّ، قال: حدّثنا محمد بن الحسين الرّازيّ، قال: حدّثنا أبو الحسين علي بن محمّد بن علي المفتي، قال: حدثنا الحسن بن محمّد المروزيّ، عن أبيه، عن يحيى بن عياش، قال: حدّثنا عليّ بن عاصم، قال: حدّثنا أبو هارون العبديّ، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله..).
[36] الأمالي، ص627-632، رقم الحديث 844، المجلس 80، ح1.
[37] الإقبال، ج3، ص46-47.
[38] الإقبال، ج3، ص47.
[39] الإقبال، ج3، ص47.
[40] الإقبال، ج3، ص48.
[41] الإقبال، ج3، ص70.
[42] الإقبال، ج3، ص49-50.
[43] الكافي، ج7، ص593-594، رقم الحديث 6582، كتاب الصّيام، باب صوم عرفة وعاشوراء، ح5.
[44] الكافي، ج7، ص594، رقم الحديث 6583، كتاب الصّيام، باب صوم عرفة وعاشوراء، ح6.
[45] الكافي، ج7، ص594-596، رقم الحديث 6584، كتاب الصّيام، باب صوم عرفة وعاشوراء، ح7.
[46] الأمالي، ص191، رقم الحديث 201، المجلس 27، ح4/علل الشرائع، ج2، ص43، رقم الحديث 404، الباب 162: باب العلّة التي من أجلها صار يوم عاشوراء أعظم الأيّام مصيبة، ح2.
[47] المقنعة، ص782.
[48] مصباح المتهجد، ص852-853.
[49] الكافي، ج7، ص592، رقم الحديث 6581، كتاب الصّيام، باب صوم عرفة وعاشوراء، ح4.
[50] الكافي، ج7، ص591-592، رقم الحديث 6580، كتاب الصّيام، باب صوم عرفة وعاشوراء، ح3.
[51] الكافي، ج2، ص14-15، رقم الحديث 764، كتاب الحجّة، باب ما نصَّ الله عزّ وجلّ ورسوله على الأئمّة عليهم السّلام واحداً فواحداً، ح6.
[52] شرح أصول الكافي، ج6، ص123.
[53] مسند أبي داود الطيالسي، ج2، ص135، رقم الحديث 821.
[54] مسند أحمد بن حنبل، ج7، ص123، رقم الحديث 4024.
[55] مسند أحمد بن حنبل، ج8، ص63، رقم الحديث 4483.
[56] مسند أحمد بن حنبل، ج24، ص224، رقم الحديث 15477.
[57] مسند أحمد بن حنبل، ج40، ص278-279، رقم الحديث 24230.
[58] البداية والنهاية، ج11، ص532.
[59] الملهوف على قتلى الطفوف، ص154.
[60] في المطبوع: (عصره)، والظّاهر أنّ الصّحيح ما أثبتناه.
[61] كامل الزيارات، ص345، رقم الحديث 546، الباب 71: باب ح1.