بسم الله الرحمن الرحيم
علم الغيب عند النبيِّ والوصيِّ (عليهما السلام) - الحلقة الرابعة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين وابن عم سيد الوصيين محمد بن عبد الله، وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين الأبرار الفاضلين، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً.
أما بعد، فمما لا شك فيه أنَّ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وارث علوم النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) الذي ورث علوم الأنبياء (عليهم السلام) وقد وردت الأخبار الكثيرة الدالة على هذا الأمر، ونقسمها هنا إلى طائفتين:
الطائفة الأولى: ما فيه التصريح بأنّ عنده من علم الغيب بما يكون إلى يوم القيامة.
الطائفة الثانية: ما فيه الإخبار بمعرفته بقاتله ابن ملجم وإخباره بكيفية قتله.
وهذه الروايات رواها حفّاظ أهل السنة والجماعة بأسانيد صحيحة وقويّة، وهي من أقوى الروايات المعتبرة في هذا الباب طبق أقوال أهل العلم والتحقيق، وسأذكرها ثم أعلق عليها ببيان يسير يقتضيه المقام إن شاء الله تعالى.
الطائفة الأولى: ما فيه التصريح بأنّ عنده من علم الغيب بما يكون إلى يوم القيامة.
المورد الأول: روى عبد الرزاق في تفسيره بسندٍ صحيحٍ(1): (عن معمر، عن وهب بن عبد الله، عن أبي الطفيل، قال شهدت علياً وهو يخطب ويقول: «سلوني فوالله لا تسألوني عن شيء يكون إلى يوم القيامة إلا حدثتكم به، وسلوني عن كتاب الله فوالله ما من آية إلا وأنا أعلم بليل نزلت أم بنهار وأم في سهل أم في جبل ..إلخ»).
المورد الثاني: روى ابن عبد البر في كتابه (جامع بيان العلم وفضله): (وحدثني أحمد بن فتح، نا حمزة بن محمد، نا إسحاق بن إبراهيم، نا محمد بن عبد الأعلى، ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن وهب بن عبد الله، عن أبي الطفيل قال: شهدت علياً رضي الله عنه وهو يخطب ويقول: سلوني فوالله لا تسألوني عن شيء يكون إلى يوم القيامة إلا حدثتكم به، وسلوني عن كتاب الله؛ فوالله ما منه آية إلا وأنا أعلم بليل نزلت أم بنهار أم بسهل نزلت أم بجبل..إلخ).
قال المحقق أبو الأشبال الزهيري (2): (إسناده صحيح).
وقال المحقق محمد بن عبد الرحمن الصالح (3): (إسناده صحيح).
وقال المحقق محمد بن عوض المصري (4): (صحيح).
المورد الثالث: روى الخطيب البغدادي في (الفقيه والمتفقه)(5): (أناه أبو الحسين أحمد بن عمر بن روح وأبو علي الحسن بن فهد النهروانيان بها، قالا: أنا أبو الحسين محمد بن إبراهيم بن سلمة الكهيلي بالكوفة، أنا محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي، نا إسحاق بن إبراهيم المروزي، نا عبد الرزاق، نا معمر، عن وهب بن عبد الله بن أبي دبي، عن أبي الطفيل، قال: شهدت علياً وهو يخطب وهو يقول: «سلوني والله لا تسألوني عن شيء يكون إلى يوم القيامة إلا حدثتكم به»).
قال المحقق عادل بن يوسف العزازي: (إسناده صحيح).
الطائفة الثانية: ما فيه الإخبار بمعرفته بقاتله ابن ملجم وإخباره بكيفية قتله.
المورد الأول: روى أحمد بن حنبل في (فضائل الصحابة )(6): (حدثنا عبد الله، قال: حدثني أبي، نا أسود بن عامر، قال: أخبرنا أبو بكر هو ابن عياش، عن الأعمش، عن سلمة بن كهيل، عن عبد الله بن سبع، قال: خطبنا علي فقال: «والذي فلق الحبة، وبرأ النسمة، لتخضبن هذه من هذه»، قال: قال الناس: فأعلمنا من هو، فوالله لنبيرنه أو لنبيرن عترته. قال: «أنشدكم بالله أن يقتل بي غير قاتلي، قالوا: إن كنت قد علمت ذلك استخلف إذاً، قال: لا، ولكن أكلكم إلى ما وكلكم إليه رسول الله»).
قال المحقق وصي الله عبّاس: (إسناده صحيح).
المورد الثاني: روى أحمد في (المسند): (حدثنا وكيع، حدثنا الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، عن عبد الله بن سبع، قال: سمعت علياً، يقول: لتخضبن هذه من هذا، فما ينتظر بي الأشقى؟ قالوا: يا أمير المؤمنين: فأخبرنا به نبير عترته. قال: إذاً تالله تقتلون بي غير قاتلي. قالوا: فاستخلف علينا. قال: لا، ولكن أترككم إلى ما ترككم إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: فما تقول لربك إذا أتيته؟ - وقال وكيع مرة: إذا لقيته؟ - قال: أقول: اللهم تركتني فيهم ما بدا لك، ثم قبضتني إليك وأنت فيهم، فإن شئت أصلحتهم وإن شئت أفسدتهم).
قال المحقق شعيب الأرناؤوط (7): (حسنٌ لغيره).
قال المحقق أحمد شاكر (8): (إسناده صحيح).
المورد الثالث: روى أبو يعلى الموصلي في (المسند)(9): (حدثنا أبو خيثمة، حدثنا جرير، عن الأعمش، عن سلمة بن كهيل، عن سالم بن أبي الجعد، عن عبد الله بن سبع، قال: خطبنا علي بن أبي طالب، فقال : «والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لتخضبن هذه من هذه»، يعني: لحيته من دم رأسه، قال: فقال رجل: والله لا يقول ذاك أحد إلا أبرنا عترته. فقال: «أذكر الله، أو أنشد الله، أن تقتل بي إلا قاتلي»، فقال رجل: ألا تستخلف يا أمير المؤمنين؟ قال: «لا، ولكن أترككم إلى ما ترككم إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم»، قالوا: فما تقول لله إذا لقيته؟، قال: أقول: «اللهم تركتني فيهم ما بدا لك، ثم توفيتني وتركتك فيهم، فإن شئت أصلحتهم، وإن شئت أفسدتهم»).
قال المحقق حسين سليم أسد: (إسناده حسن).
وقال الحافظ الهيثمي بعد أن أوردها في (مجمع الزوائد)(10): (رواه أحمد وأبو يعلى، ورجاله رجال الصحيح غير عبد الله بن سبيع، وهو ثقة. ورواه البزار بإسناد حسن).
المورد الرابع: روى المحاملي في (الأمالي)(11): (أنبا أبو الغنائم محمد بن علي بن الحسن بن محمد بن أبي عثمان الدقاق قراءة عليه، قال: أنبا أبو محمد عبد الله بن عبيد الله بن يحيى بن زكريا البيع قراءة عليه، ثنا الحسين بن إسماعيل المحاملي إملاءً، ثنا يوسف بن موسى القطان ثنا جرير عن الأعمش عن سلمة بن كهيل، عن سالم بن أبي الجعد، عن عبد الله بن سبيع، هكذا قال جرير قال: قام علي رضي الله عنه، فقال: «والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لتخضبن هذه من دم هذا» قال: لحيته من دم رأسه قال: فقال رجل: والله، لا يفعل ذلك أحد إلا أبدنا عترته قال: «أذكر الله، وأنشد بالله تعالى أن يقتل بي إلا قاتلي» قال: فقال رجل: ألا تستخلف يا أمير المؤمنين؟! فقال: «لا، ولكن أترككم إلى ما تركني إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم» قالوا: فما تقول لله إذا لقيته؟ قال: أقول: «اللهم، تركتني فيهم ما بدا لك أن تتركني، ثم توفيتني وتركتك فيهم، فإن شئت أصلحتهم، وإن شئت أفسدتهم»).
قال المحقق الدكتور إبراهيم القيسي: (إسناده حسن).
المورد الخامس: روى أحمد بن حنبل في (المسند): (حدثنا علي بن بحر، حدثنا عيسى بن يونس، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثني يزيد بن محمد بن خثيم المحاربي، عن محمد بن كعب القرظي، عن محمد بن خثيم أبي يزيد، عن عمار بن ياسر، قال: كنت أنا وعلي رفيقين في غزوة ذات العشيرة، فلما نزلها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقام بها، رأينا أناساً من بني مدلج يعملون في عين لهم في نخل، فقال لي علي: يا أبا اليقظان، هل لك أن نأتي هؤلاء، فننظر كيف يعملون؟ فجئناهم، فنظرنا إلى عملهم ساعة، ثم غشينا النوم، فانطلقت أنا وعلي فاضطجعنا في صور من النخل في دقعاء من التراب، فنمنا، فوالله ما أهبنا إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم يحركنا برجله، وقد تتربنا من تلك الدقعاء، فيومئذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي: يا أبا تراب - لما يرى عليه من التراب -، قال: ألا أحدثكما بأشقى الناس رجلين؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: أحيمر ثمود الذي عقر الناقة، والذي يضربك يا علي على هذه -يعني قرنه- حتى تبلّ منه هذه، -يعني لحيته-).
قال المحقق شعيب الأرناؤوط (12): (حسن لغيره).
وهو مرويٌّ في (فضائل الصحابة) أيضاً، وقال المحقق وصي الله عباس فيه(13): (إسناده حسن متصل).
المورد السادس: روى الآجري في (الشريعة)(14): (حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي، قال: حدثنا زيد بن أخزم، قال: حدثنا عبد الله بن داود، قال: سمعت الأعمش، عن سلمة بن كهيل، عن سالم بن أبي الجعد عن عبد الله بن سبع قال: سمعت علياً رضي الله عنه على المنبر يقول: ما ننتظر إلا شقيّاً، عهد إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لتخضبن هذه من دم هذا» قالوا: أخبرنا بقاتلك حتى نبيرَ عترته قال: أنشد الله رجلاً قتل بي غير قاتلي، وذكر الحديث).
قال المحقق الدكتور عبد الله بن عمر الدميجي: ( إسناده حسن).
المورد السابع: روى الحاكم في المستدرك(15): (أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفار، ثنا الحسن بن علي بن بحر بن بري، ثنا أبي، وأخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، ثنا علي بن بحر بن بري، ثنا عيسى بن يونس، ثنا محمد بن إسحاق، حدثني يزيد بن محمد بن خثيم المحاربي، عن محمد بن كعب القرظي، عن محمد بن خثيم، عن عمار بن ياسر رضي الله عنه قال: كنت أنا وعلي رفيقين في غزوة ذي العشيرة، فلما نزلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقام بها، رأينا ناسا من بني مدلج يعملون في عين لهم في نخل، فقال لي علي: يا أبا اليقظان، هل لك أن تأتي هؤلاء فننظر كيف يعملون؟ فجئناهم، فنظرنا إلى عملهم ساعة، ثم غشينا النوم فانطلقت أنا وعلي فاضطجعنا في صور من النخل في دقعاء من التراب، فنمنا فوالله ما أيقظنا إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم يحركنا برجله وقد تتربنا من تلك الدقعاء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا أبا تراب» لما يرى عليه من التراب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أحدثكما بأشقى الناس رجلين؟» قلنا: بلى يا رسول الله، قال: «أحيمر ثمود الذي عقر الناقة والذي يضربك يا علي على هذه - يعني قرنه - حتى تبتل هذه من الدم - يعني لحيته-»).
قال الحاكم: (هذا حديث صحيح على شرط مسلم).
قال الذهبي في التلخيص: (على شرط مسلم).
ورواه الطحاوي في (شرح مشكل الآثار) وهو لا ينقل في كتابه إلا الأحاديث المعتبرة كما صرَّح في مقدمة الكتاب المذكور(16)، وعلَّق الشيخ شعيب الأرناؤوط بقوله (17): (حديث صحيح لغيره) وقد صحّحه الشيخ الألباني في (سلسلة الأحاديث الصحيحة) بمجموع طرقه(18).
المورد الثامن: روى ابن سعد في (الطبقات) بإسنادٍ صحيح(19): (أخبرنا الفضل بن دكين أبو نعيم، أخبرنا فطر بن خليفة، قال: حدثني أبو الطفيل قال: دعا علي الناس إلى البيعة، فجاء عبد الرحمن بن ملجم المرادي فرده مرتين.
ثم أتاه فقال: ما يحبس أشقاها، لتخضبن أو لتصبغن هذه من هذا، يعني لحيته من رأسه. ثم تمثل بهذين البيتين :
اشدد حيازيمك للموت ... فإن الموت آتيك
ولا تجزع من القتل ... إذا حل بواديك).
ورواه الطحاوي أيضاً بإسنادٍ صحيح في (شرح مشكل الآثار): (حدثنا فهد، حدثنا أبو نعيم، حدثنا فطر بن خليفة، حدثنا أبو الطفيل قال: دعا علي الناس إلى البيعة، فجاء عبد الرحمن بن ملجم فرده مرتين، ثم قال: ما يحبس أشقاها ليخضبن أو ليضعن هذا من هذه للحيته من رأسه، ثم تمثل بهذين البيتين:
اشدد حيازيمك للموت ...فإن الموت آتيكا
ولا تجزع من القتل ... إذا حل بواديكا)
قال المحقق شعيب الأرناؤوط معلّقاً عليه(20): (إسناد صحيح على شرط البخاري).
المورد التاسع: روى عبد الرزاق في (المصنَّف)(21): (عن معمر، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن عبيدة، قال: كان علي إذا رأى ابن ملجم المرادي قال:
«أريد حياته ويريد قتلي ... عذيرك من خليلك من مراد»).
قلتُ: إسناده صحيح(22).
المورد العاشر: روى البيهقي في (السنن الكبرى)(23): (حدثنا أبو عبد الله الحافظ، أنبأ إبراهيم بن إسماعيل القاري، ثنا عثمان بن سعيد الدارمي، ثنا عبد الله بن صالح، حدثني الليث بن سعد، أخبرني خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن زيد بن أسلم، أن أبا سنان الدؤلي حدّثه أنّه عاد علياً رضي الله عنه في شكوى له اشتكاها، قال: فقلت له: لقد تخوفنا عليك يا أمير المؤمنين في شكواك هذا فقال: لكني والله ما تخوفت على نفسي منه؛ لأني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الصادق المصدوق يقول: إنك ستضرب ضربة هاهنا، وضربة هاهنا، وأشار إلى صدغيه، فيسيل دمها حتى يخضب لحيتك، ويكون صاحبها أشقاها كما كان عاقر الناقة أشقى ثمود).
وقد صحح الحافظُ البيهقي هذا الحديث في كتابٍ آخر له، فقال في (دلائل النبوة) بعد أن ساق أخباراً في هذا الباب(24): (ورويناه في كتاب السنن بإسناد صحيح، عن زيد بن أسلم، عن أبي سنان الدؤلي، عن علي في إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بقتله).
وقال الحافظ ابن كثير(25): (وقد روى البيهقي بإسناد صحيح، عن زيد بن أسلم، عن أبي سنان الدؤلي، عن علي في إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بقتله).
المورد الحادي عشر: روى الحاكم في المستدرك بإسنادٍ معتبر(26): (حدثنا أبو علي الحافظ، أخبرنا الهيثم بن خلف الدوري، حدثني محمد بن عمر بن هياج حدثنا يحيى بن عبد الرحمن الأرحبي، حدثنا يونس بن أبي يعفور عن أبيه قال : حدثني حيَّان الأسدي قال سمعت علي بن أبي طالب، يقول: قال لي رسول الله: عهد معهود أنَّ الأمة ستغدر بك بعدي وأنت تعيش على ملَّتي، وتُقتل على سنتي من أحبَّك أحبني ومن أبغضك أبغضني، وإنَّ هذه ستخضَّب من هذا. يعني لحيته من رأسه. قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه). وقال الذهبي في التلخيص(27): (صحيح).
المورد الثاني عشر: قال الحافظ السيوطي في (تاريخ الخلفاء)(28): (وأخرج أحمد والحاكم بسند صحيح عن عمار بن ياسر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي: أشقى الناس رجلان: أحيمر ثمود الذي عقر الناقة، والذي يضربك يا علي على هذه - يعني: قرنه - حتى تبتل منه هذه من الدم، يعني لحيته. وقد ورد ذلك من حديث علي وصهيب وجابر بن سمرة، وغيرهم).
المورد الثالث عشر: روى الحافظ الحميدي في مسنده (29): (ثنا سفيان، ثنا عبد الملك بن أعين سمعه من أبي حرب بن أبي الأسود الديلي يحدثه عن أبيه قال: سمعت علياً يقول: أتاني عبد الله بن سلام وقد أدخلت رجلي في الغرز فقال لي: أين تريد؟ فقلت: العراق فقال: «أما إنك إن جئتها ليصيبك بها ذباب السيف» فقال علي: «وايم الله لقد سمعت رسول الله قبله يقوله» فقال أبو حرب فسمعت: أبي يقول: فعجبت منه وقلت: رجل محارب يحدث بمثل هذا عن نفسه).
قال المحقق حسين سليم أسد: (إسناده صحيح).
المورد الرابع عشر: روى الحافظ ابن حبان في صحيحه: (أخبرنا الفضل بن الحباب، قال: حدثنا إبراهيم بن بشار الرمادي، قال: حدثنا سفيان، قال: حدثنا عبد الملك بن أعين، عن أبي حرب بن أبي الأسود الدؤلي، عن أبيه عن علي بن أبي طالب، قال: قال لي عبد الله بن سلام، وقد وضعت رجلي في الغرز وأنا أريد العراق: لا تأتِ أهل العراق، فإنك إن أتيتهم أصابك ذباب السيف بها، قال علي: وأيم الله لقد قالها لي رسول الله. قال أبو الأسود فقلت في نفسي: ما رأيت كاليوم رجلاً محارباً يحدث الناس بمثل هذا). وهذا الحديث صحيح عند المصنف ابن حبان؛ وقال الشيخ الألباني(30): (الإسناد حسن)، وقال المحقق شعيب الأرناؤوط(31): (إسناده حسن).
المورد الخامس عشر: روى الحافظ المقدسي في (الأحاديث المختارة):(أخبرنا أبو مسلم المؤيد بن عبد الرحيم بن الأخوة بأصبهان أن الحسين بن عبد الملك الأديب أخبرهم قراءة عليه، أنا إبراهيم سبط بحرويه، أنا أبو بكر محمد بن المقرئ، أنا أبو يعلى الموصلي، ثنا إسحاق - هو ابن أبي إسرائيل -، ثنا سفيان، عن عبد الملك بن أعين، عن أبي حرب بن أبي الأسود الديلي، عن أبيه، عن علي، قال: أتاني عبد الله بن سلام وقد وضعت قدمي في الغرز فقال: لا تقدم العراق فإني أخشى أن يصيبك بها ذباب السيف. قال علي: وايم الله لقد أخبرني به رسول الله. قال أبو الأسود: فما رأيت كاليوم قط محارباً يخبر بذا عن نفسه).
قال المحقق الدكتور عبد الملك بن عبد الله بن دهيش(32): (إسناده صحيح).
وروى أيضاً: (وأخبرتنا أم حبيبة عائشة بنت معمر بن عبد الواحد بأصبهان أن سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي أخبرهم قراءة عليه، أنا أبو العباس أحمد بن محمد بن أحمد بن النعمان، أنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المقرئ، أنا إسحاق بن أحمد بن نافع الخزاعي، ثنا ابن أبي عمر العدني، ثنا سفيان، عن عبد الملك بن أعين، عن أبي حرب بن أبي الأسود الديلي سمعه يحدث عن أبيه قال: سمعت علياً رضي الله عنه يقول أتاني عبد الله بن سلام وقد أدخلت رجلي في الغرز فقال: أين تريد؟! قلت: العراق. قال: أما إنك إن جئتها ليصيبك بها ذباب السيف ثم قال: وايم الله لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله. قال أبو حرب فسمعت أبي يقول: فتعجبت منه فقلت: محارب يحدث بمثل هذا عن نفسه).
قال المحقق الدكتور عبد الملك بن عبد الله بن دهيش(33): (إسناده صحيح).
المورد السادس عشر: روى الحافظ ابن ديزيل(34): (حدثنا أبو نعيم، حدثنا فطر بن خليفة، حدثني أبو الطفيل، قال: دعا علي الناس للبيعة فجاء عبد الرحمن بن ملجم المرادي فرده مرتين ثم بايعه فقال: ما يحبس أشقاها ألا لتخضبن أو لتصبغن هذه من هذه لحيته من رأسه. ثم تمثل هذين البيتين:
اشدد حيازيمك للموت ... إن الموت آتيكا
ولا تجزع من القتل ... إذا حل بواديكا)
قال المحقق عبد الله بن محمد البخاريّ: (إسناده صحيح).
وهذه الأخبار تشيرُ إلى أنَّ أمير المؤمنين (عليه السلام) كان وارث علوم النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله)، فقد كان يشير إلى معرفته بالغيب ولا سيما فيما تبتلى به الأمة، ولقد كان يقول: «والله لا تسألوني عن شيء يكون إلى يوم القيامة إلا حدثتكم به» وهذا أوضح شاهدٍ على أنَّ ما كان يشير إليه النبي (صلى الله عليه وآله) قد ورثه أمير المؤمنين (عليه السلام)، ومن ذلك معرفته بمقتله على يد ابن ملجم، ومعرفته بقتل سيد الشهداء (عليه السلام) في كربلاء كما مرّ فيما تقدّم من الرّوايات المعتبرة.
--------------------
(1) تفسير عبد الرزاق الصنعاني، ج2، ص241، تفسير سورة الذاريات، الآية:1، تحقيق: مصطفى مسلم محمد، الناشر: مكتبة الرشد – الرياض/المملكة العربية السعودية، الطبعة: الأولى، سنة النشر: 1410 هـ/1989م.
(2) جامع بيان العلم وفضله، ج1، ص383، رقم الحديث 726، تحقيق: أبي الأشبال الزهيري، الناشر: دار ابن الجوزي/المملكة العربية السعودية، الطبعة: السابعة، سنة النشر: 1427 هجرية.
(3) جامع بيان العلم وفضله، ج1، ص208، رقم الحديث 726، تحقيق: محمد بن عبد الرحمن الصالح، الناشر: مكتبة عباد الرحمن/القاهرة - جمهورية مصر العربية، الطبعة: الأولى، سنة النشر: 1428 هـ/2007م.
(4) جامع بيان العلم وفضله، ص345، رقم الحديث 726، تحقيق: محمد بن عوض بن عبد الغني المصري، الناشر: دار الإمام البخاري/الدوحة – قطر، الطبعة: الأولى، سنة النشر1437هـ/2016م
(5) الفقيه والمتفقه، ص710، رقم الحديث 1081، تحقيق: عادل بن يوسف العزازي، الناشر: دار ابن الجوزي/المملكة العربية السعودية، الطبعة: الأولى، سنة النشر: 1430 هجرية.
(6) فضائل الصحابة، رقم الحديث 1211، الناشر: دار العلم للطباعة والنشر، تحقيق: وصي الله عباس.
(7) المسند، ج2، ص 325، رقم الحديث 1078، الناشر : مؤسسة الرسالة، تحقيق: شعيب الأرناؤوط.
(8) المسند، ج2، ص 62، رقم الحديث 1078، الناشر: دار الحديث- القاهرة، تحقيق: أحمد شاكر.
(9) مسند أبي يعلى الموصلي، رقم الحديث 590، الناشر: دار المأمون للتراث-بيروت، تحقيق:حسين أسد.
(10) مجمع الزوائد، ج 9، ص 137، رقم الحديث 14782، الناشر: مكتبة القدسي- القاهرة.
(11) أمالي المحاملي برواية يحيى ابن البيع، ص 215، رقم الرواية 198، الناشر: دار ابن القيم- السعودية.
(12) المسند، ج 30، ص 256-257، 18321، الناشر: مؤسسة الرسالة، تحقيق: شعيب الأرناؤوط.
(13) فضائل الصحابة، رقم الحديث 1172 و 1173.
(14) الشريعة، ج4، ص 2104-2105، الناشر: دار الوطن- الرياض، ط1 1997م.
(15) المستدرك على الصحيحين، ج5، ص352-353، رقم الحديث 3738، الناشر: دار التأصيل.
(16) قال الطحاوي في مقدمة كتابه: (وإني نظرت في الآثار المروية عنه صلى الله عليه وسلم بالأسانيد المقبولة التي نقلها ذوو التثبت فيها والأمانة عليها وحسن الأداء لها، فوجدت فيها أشياء مما يسقط معرفتها والعلم بما فيها عن أكثر الناس فمال قلبي إلى تأملها وتبيان ما قدرت عليه من مشكلها ومن استخراج الأحكام التي فيها ومن نفي الإحالات عنها، وأن أجعل ذلك أبواباً أذكر في كل باب منها ما يهب الله عز وجل لي من ذلك منها حتى آتي فيما قدرت عليه منها كذلك ملتمسا ثواب الله عز وجل عليه).
(17) شرح مشكل الآثار، ج2، ص 281، رقم الحديث 811، الناشر: مؤسسة الرسالة، تحقيق: الأرناؤوط.
(18) سلسلة الأحاديث الصحيحة، رقم الحديث 1743، الناشر: مكتبة المعارف – الرياض.
(19) الطبقات الكبرى، ج3، ص 33، الناشر : دار صادر – بيروت.
(20) شرح مشكل الآثار، ج2، ص 285، الناشر: مؤسسة الرسالة، تحقيق: الأرناؤوط.
(21) مصنف عبد الرزاق، ج8، ص 239، رقم الحديث 19694، طبعة دار التأصيل.
(22) قال الدكتور علي الصلابي في كتابه (أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب،ج2، ص1026، الناشر: مكتبة الصحابة – الشارقة، الإمارات): (وتذهب بعض الروايات إلى أبعد من هذا، إذ تفيد أن علياً -رضي الله عنه- يعرف هذا الشقي الذي سيقتله، فيروى عبيدة السلماني بسند صحيح إليه يقول: كان علي إذا رأى ابن ملجم قال: أريد حياته ويرد قتلي ... عذيرك من خليلك من مرادي ).
(23) السنن الكبرى، ج8، ص 104، رقم الحديث 16069، الناشر: دار الكتب العلمية – بيروت، تحقيق: محمد عبد القادر عطا.
(24) دلائل النبوة، ج6، ص 439-440،الناشر: دار الكتب العلمية-بيروت، ط1، 1988م، تحقيق: د. عبد المعطي قلعجي.
(25) البداية والنهاية، ج9، ص 206، الناشر: دار هجــر،ط1، 1998م، تحقيق: عبد الله التركي.
(26) المستدرك على الصحيحين، ج5، ص356، رقم الحديث 4744، الناشر: دار التأصيل.
(27) انظر تعليق الذهبي: المستدرك على الصحيحين، ج3، ص 153، رقم 4686، طبعة دار الكتب العلميَّة.
قلت : قد عزوت الحديث لطبعة دار التأصيل لأن إسناد الرواية الصحيح قد سقط من طبعة دار الكتب العلمية، ولهذا تجد أن الحاكم والذهبي قد علّقا بالصحة، وليس هذا إلا لوجود إسناد ولكنه قد سقط من تلك الطبعة وقد تم استدراكه في طبعة دار التأصيل، وقد وقفنا على بعض النسخ الخطية التي احتوت على السند من قبل.
(28) تاريخ الخلفاء، ص 139، الناشر: دار ابن حزم - بيروت، الطبعة الأولى، 2003م.
(29) مسند الحميدي، ج1، ص 180 – 181، رقم الحديث 53، تحقيق: حسين سليم أسد، الناشر: دار السقا – دمشق، الطبعة الأولى، 1996م.
(30) التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان، ج9، ص 400 – 401، رقم الحديث 6698، تحقيق: محمد ناصر الدين الألباني ، الناشر: دار باوزير للنشر والتوزيع - السعودية، الطبعة الأولى، 2003م.
(31) الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان، ج15، ص 127، رقم الحديث 6733، تحقيق: شعيب الأرناؤوط، الناشر: مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، 1991م.
(32) الأحاديث المختارة، ج2، ص 128، رقم الحديث 498، تحقيق: عبد الملك بن عبد الله بن دهيش، الناشر: دار خضر للنشر والتوزيع – بيروت، الطبعة الثالثة، 2000 م.
(33) الأحاديث المختارة، ج2، ص 129، رقم الحديث 499، تحقيق: عبد الملك بن عبد الله بن دهيش، الناشر: دار خضر للنشر والتوزيع – بيروت، الطبعة الثالثة، 2000 م.
(34) جزء فيه حديث الحافظ ابن ديزيل، تحقيق: محمد بن عبد الله البخاري، الناشر: مكتبة الغرباء الأثرية – المدينة المنورة، الطبعة الأولى، 1413 هـ.