بسم الله الرحمن الرحيم
دراسة حول الرّسالة المنسوبة إلى الإمام زين العابدين (ع) في وعظ الزّهريّ
بقلم: علي عادلزاده
ترجمة وتحرير: إبراهيم جواد
الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على حبيب إله العالمين، سيّد الأنبياء والمرسلين، محمّد بن عبد الله الصّادق الأمين، وعلى أهل بيته الطيّبين الطّاهرين، واللّعن الدّائم على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدّين، أما بعد:
فقد روى ابن شعبة الحرّاني في كتابه «تحف العقول» رسالة طويلة منسوبة إلى الإمام عليّ بن الحسين (عليه السّلام)، وهذه الرّسالة بحسب الرّواية قد أرسلها الإمام إلى محمّد بن مسلم بن شهاب الزّهري، وفيها موعظةٌ وتذكيرٌ وزجرٌ له عمّا كان يقوم به بعد دخوله في أعمال بني أميّة، حيث إنّ الزّهريّ قد مال إلى بني أميّة في مرحلة من مراحل عمره، وصار إلى خدمتهم، وفي ذلك يقول الحافظ الذهبيّ: (كان رحمه الله محتشماً جليلاً بزيِّ الأجناد، له صورة كبيرة في دولة بني أمية)[1].
وتكمن أهميّة هذه الرّسالة في كونها وثيقةً تاريخيّة تبيّن جزءً من سيرة الزّهري، وكيفيّة استغلال خلفاء بني أميّة لرواة الحديث في تحقيق مآربهم وبثّ ثقافتهم للتسلّط على عقول المسلمين، وقد احتوت الرسالة عدّة عبارات مهمّة تبيّن الدّور الخطير الذي كان يمارسه الزّهري في استخدام الدّين لتأييد سلطان بني أميّة، كما أنّها تحمل في طيّاتها وعظاً وتذكيراً لأهل العلم المنحرفين عن جادّة الحقّ، المائلين إلى الباطل وأهله.
وهذا هو متن هذه الرّسالة: (كفانا الله وإيّاك من الفتن ورحمك من النّار، فقد أصبحت بحالٍ ينبغي لمن عرفك بها أن يرحمك، فقد أثقلتك نعم الله بما أصحَّ من بدنك وأطال من عمرك، وقامت عليك حجج الله بما حمّلك من كتابه وفقَّهك فيه من دينه وعرَّفك من سُنّة نبيِّه محمد ݕ، فرضي لك في كلِّ نعمةٍ أنعم بها عليك وفي كلِّ حُجّةٍ احتجّ بها عليك الفرض بما قضى، فما قضى إلا ابتلى شكرك في ذلك، وأبدى فيه فضله عليك، فقال: (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأزِيدَنَّكُمْ ولَئِنْ كَفَرْتُمْ إنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)[2]، فانظر أيّ رجلٍ تكون غداً إذا وقفت بين يدي الله فسألك عن نعمه عليك كيف رعيتها، وعن حججه عليك كيف قضيتها، ولا تحسبن الله قابلاً منك بالتعذير، ولا راضياً منك بالتقصير، هيهات هيهات ليس كذلك، أخذ على العلماء في كتابه إذ قال: (لتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ)[3]، واعلم أنّ أدنى ما كتمت وأخفَّ ما احتملت أن آنست وحشة الظالم، وسهَّلت له طريق الغيِّ بدنوِّك منه حين دنوت، وإجابتك له حين دُعِيت، فما أخوفني أن تكون تبوء بإثمك غداً مع الخونة، وأن تُسأل عمّا أخذت بإعانتك على ظلم الظّلمة، إنّك أخذتَ ما ليس لك ممّن أعطاك، ودنوت ممّن لم يردّ على أحدٍ حقّاً، ولم تردَّ باطلاً حين أدناك، وأحببت من حادَّ الله. أوليس بدعائه إيّاك حين دعاك جعلوك قطباً أداروا بك رحى مظالمهم وجسراً يعبرون عليك إلى بلاياهم وسُلّماً إلى ضلالتهم، داعياً إلى غيِّهم، سالكاً سبيلهم، يُدخلون بك الشكَّ على العلماء، ويقتادون بك قلوب الجُهّال إليهم، فلم يبلغ أخصُّ وزرائهم ولا أقوى أعوانهم إلّا دون ما بلغت من إصلاح فسادهم واختلاف الخاصّة والعامّة إليهم، فما أقلّ ما أعطوك في قدر ما أخذوا منك، وما أيسر ما عمّروا لك، فكيف ما خرّبوا عليك، فانظر لنفسك فإنه لا ينظر لها غيرك، وحاسبها حساب رجلٍ مسؤولٍ، وانظر كيف شكرك لمن غذّاك بنعمه صغيراً وكبيراً، فما أخوفني أن تكون كما قال الله في كتابه: (فخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الأدنَى ويَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا)[4]، إنّك لست في دار مقام، أنت في دار قد آذنت برحيلٍ، فما بقاءُ المرء بعد قرنائه، طوبى لمن كان في الدنيا على وجلٍ، يا بؤس لمن يموت وتبقى ذنوبه من بعده.
احذر فقد نُبِّئت، بادر فقد أُجِّلْتَ، إنّك تعامل من لا يجهل، وإن الذي يحفظ عليك لا يغفل، تجهّز فقد دنا منك سفرٌ بعيدٌ، وداوِ ذنبك[5] فقد دخله سقمٌ شديدٌ، ولا تحسب أنِّي أردت توبيخك وتعنيفك وتعييرك، لكنِّي أردت أن ينعش الله ما قد فات من رأيك، ويردَّ إليك ما عزب من دينك، وذكرت قول الله تعالى في كتابه: (وذَكِّرْ فإنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ المُؤْمِنِينَ)[6].
أغفلتَ ذكر من مضى من أسنانك وأقرانك وبقيت بعدهم كقرن أعضب، انظر هل ابتُلوا بمثل ما ابتليتَ، أم هل وقعوا في مثل ما وقعت فيه، أم هل تراهم ذكرت خيراً أهملوه، وعلمت شيئاً جهلوه، بل حظيت بما حلَّ من حالك في صدور العامة وكَلَفِهِم بك، إذ صاروا يقتدون برأيك ويعملون بأمرك، إن أحللت أحلُّوا، وإن حرَّمت حرَّموا، وليس ذلك عندك، ولكن أظهرهم عليك رغبتهم فيما لديك ذهاب علمائهم
وغلبة الجهل عليك وعليهم وحبُّ الرئاسة وطلب الدّنيا منك ومنهم، أما ترى ما أنت فيه من الجهل والغِرّة وما النّاس فيه من البلاء والفتنة؟! قد ابتليتهم وفتنتهم بالشّغل عن مكاسبهم ممّا رأوا، فتاقت نفوسهم إلى أن يبلغوا من العلم ما بلغت، أو يدركوا به مثل الذي أدركت، فوقعوا منك في بحرٍ لا يُدرَك عمقه، وفي بلاءٍ لا يُقدّر قدره، فالله لنا ولك، وهو المستعان.
أمّا بعد؛ فأعرض عن كلِّ ما أنت فيه حتى تلحق بالصالحين الذين دفنوا في أسمالهم، لاصقة بطونهم بظهورهم، ليس بينهم وبين الله حجابٌ، ولا تفتنهم الدنيا ولا يفتنون بها، رغبوا فطلبوا فما لبثوا أن لحقوا، فإذا كانت الدنيا تبلغ من مثلك هذا المبلغ مع كبر سنك ورسوخ علمك وحضور أجلك، فكيف يسلم الحدث في سنه، الجاهل في علمه، المأفون في رأيه، المدخول في عقله؟!
إنّا لله وإنا إليه راجعون، على من المعوَّل؟! وعند من المستعتب؟ نشكو إلى الله بثَّنا وما نرى فيك، ونحتسب عند الله مصيبتنا بك، فانظر كيف شكرك لمن غذّاك بنعمه صغيراً وكبيراً، وكيف إعظامك لمن جعلك بدينه في النّاس جميلاً، وكيف صيانتك لكسوة من جعلك بكسوته في الناس ستيراً، وكيف قربك أو بعدك ممن أمرك أن تكون منه قريباً ذليلاً، مالك لا تنتبه من نعستك وتستقيل من عثرتك فتقول: «والله ما قمت لله مقاماً واحداً أحييت به له ديناً أو أمتُّ له فيه باطلاً»، فهذا شكرك من استحملك؟! ما أخوفني أن تكون كمن قال الله تعالى في كتابه: (أضَاعُوا الصَّلَاةَ واتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فسَوْفَ يَلقَوْنَ غَيّاً)[7]، استحملك كتابه واستودعك علمه فأضعتَها، فنحمدُ الله الذي عافانا مما ابتلاك به، والسّلام)[8].
نقد نسبة الرّسالة إلى الإمام زين العابدين (عليه السّلام)
والكلام في هذه المقالة حول مدى صحّة نسبة هذه الرّسالة إلى الإمام زين العابدين (عليه السّلام)، وذلك من خلال نقد المحتوى الدّاخليّ وتقييمها وفقاً للأدلّة التاريخيّة والشواهد الرّوائيّة، والتي تحدّد مدى قرب أو بعد هذه النّسبة من الواقع.
والظّاهر من بعض القرائن بُعد نسبة هذه الرّسالة إلى الإمام (عليه السّلام)، وأنّها أُرسلت إلى الزّهري من قِبل شخصٍ آخر غير الإمام، ومن هذه القرائن:
القرينة الأولى: إنّ لسان الرّسالة واضحٌ جداً في مخاطبة الزّهريّ في مرحلةٍ متأخِّرةٍ من عمره، وهذا ظاهرٌ من خلال عدّة عبارات وهي:
1- (فقد أثقلتك نعم الله بما أصحَّ من بدنك وأطال من عمرك).
2- (إنَّك لست في دار مقام، أنت في دار قد آذنت برحيلٍ، فما بقاءُ المرء بعد قرنائه؟!).
3- (تجهّز فقد دنا منك سفرٌ بعيدٌ، وداوِ ذنبك[9] فقد دخله سقمٌ شديدٌ).
4- (أغفلتَ ذكر من مضى من أسنانك وأقرانك وبقيت بعدهم كقرن أعضب).
5- (فإذا كانت الدنيا تبلغ من مثلك هذا المبلغ مع كبر سنك ورسوخ علمك وحضور أجلك، فكيف يسلم الحدث في سنه، الجاهل في علمه؟!).
وقد روى بعض علماء العامّة هذه الرّسالة -كما سنذكر في القرينة الثانية- بألفاظ أكثر وضوحاً كما في رواية أبي نعيم الأصبهانيّ، ولفظ العبارة في حديثه: (فقد أصبحت بحالٍ ينبغي لمن عرفك بها أن يرحمك منها، أصبحت شيخاً كبيراً قد أثقلتك نعمُ الله عليك)[10]، وأيضاً قوله: (وما أخوفني أن تكون ممن ينظر لمن عاش مستوراً عليه في دينه[11]، مقتوراً عليه في رزقه، معزولةً عنه البلايا، مصروفةً عنه الفتن في عنفوان شبابه، وظهور جَلَدِه، وكمال شهوته، فعنى بذلك دهره، حتى إذا كبر سنه، ورقَّ عظمه، وضعُفت قوَّتُه، وانقطعت شهوته ولذَّتُه فتحتْ عليه الدُّنيا شرَّ فُتوحٍ، فلزمته تبعتها، وعلقته فتنتها، وأغشت عينيه زهرتها، وصَفَتْ لغيره منفعتها، فسبحان الله، ما أبين هذا الغبن، وأخسر هذا الأمر)[12].
ومن المعلوم أنّ الإمام زين العابدين (عليه السّلام) قد تُوفِّي سنة 95 هجريّة كما نصّ عليه الكلينيّ [13] والمفيد[14]، والطوسيّ[15]، والطبرسيّ[16]، وقد اختُلف في تحديد سنة ولادة الزّهري، وأدنى ما ذكروه أنّه وُلد سنة 50 هجريّة، وأقصى ما ذكروه أنّه ولد سنة 58 هجريّة[17]، فعلى أعلى تقديرٍ يكون عمر الزهريّ عند وفاة الإمام زين العابدين (عليه السّلام) 45 عاماً فقط، وعلى أدنى تقدير يكون 37 عاماً، وهذا لا يتلاءم مع لسان الرّسالة التي تخاطب إنساناً أُطِيل في عمره ودنا موته ومضى أقرانه وكبر سنّه وحضر أجله، ومن هنا نرى أنّ نسبة الرّسالة إلى الإمام تواجه إشكالاً تاريخيّاً؛ لعدم تناسب لسانها مع الوقائع التاريخيّة.
القرينة الثّانية: قد روى بعض علماء العامّة هذه الرّسالة إلى الزُّهريِّ مُسندةً عن سلمة بن دينار المدينيّ المخزوميّ المكنّى بـ«أبي حازم الأعرج»، والذي عدّه الشيخ الطوسيّ في أصحاب السجّاد (عليه السّلام)[18]، وذكر الذّهبيّ أنّه وُلِدَ في أيّام ابن الزّبير وابن عمر [19]، ومات في خلافة أبي جعفر الدّوانيقيّ بعد سنة 140 هجريّة على اختلاف أقوالٍ في تحديد السّنة[20]، ومن هذا يُعلم أنّه أصغر سنّاً من الزّهري، وقد نصّوا على ذلك[21].
وأمّا رسالته إلى الزّهري فقد رواها الحافظ أبو نعيم الأصفهانيّ (ت: 430هـ) في كتابه «حلية الأولياء» بإسناده عن الذيّال بن عبّاد، قال: (كتب أبو حازم الأعرج إلى الزهريّ..)[22]، وعنه ابن عساكر في «تاريخ دمشق»، قال: (أنبأنا أبو عليّ الحسن بن أحمد، أنا أبو نعیم أحمد بن عبد الله..)[23]، ثم ذكر الرّواية.
ورواها عن أبي حازم الأعرج مرسلةً كلّ من:
1- إسماعيل بن محمد الأصفهانيّ المعروف بـ«قوام السنّة» (ت: 535هـ) في كتابه «سير السّلف الصّالحين»[24].
2- الحافظ ابن الجوزيّ (ت: 597هـ) في كتابه «صفة الصّفوة» [25].
3- ابن الأثير الجزريّ (ت: 606هـ) في كتابه «المختار من مناقب الأخيار»[26].
4- سبط ابن الجوزيّ (ت: 654هـ) في كتابه «مرآة الزّمان في تواريخ الأعيان»[27].
وقد اختصر بعض هؤلاء قسماً من الرّسالة، ولذا نعتمد في إيرادها على الأصل المُسنَد الذي رواه أبو نعيم الأصفهانيّ، قال: (حدثنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن مقسم وأبو بكر بن محمد بن أحمد بن هارون الورّاق الأصبهانيّ، قالا: ثنا أحمد بن عبد الله بن صاحب أبي ضمرة، ثنا هارون بن حميد الدهكيّ، ثنا الفضل بن عنبسة، عن رجلٍ قد سمّاه -أراه عبد الحميد بن سليمان-، عن الذيّال بن عباد، قال: كتب أبو حازم الأعرج إلى الزهري: عافانا الله وإياك -أبا بكرٍ- من الفتن ورحمك من النّار، فقد أصبحت بحالٍ ينبغي لمن عرفك بها أن يرحمك منها، أصبحت شيخاً كبيراً قد أثقلتك نعمُ الله عليك بما أصحَّ من بدنك، وأطال من عمرك، وعُلِّمْتَ حجج الله تعالى ممَّا حمّلك من كتابه، وفقَّهك فيه من دينه، وفهَّمك من سُنّة نبيك -صلى الله عليه وسلّم-، فرمى بك في كلِّ نعمة أنعمها عليك وكلِّ حُجّةٍ يحتج بها عليك الغرض الأقصى، ابتلى في ذلك شكرك، وأبدى فيه فضله عليك، وقد قال: (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأزِيدَنَّكُمْ ولَئِنْ كَفَرْتُمْ إنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)[28]. انظر أيّ رجلٍ تكون إذا وقفت بين يدي الله عزّ وجلّ فسألك عن نعمه عليك كيف رعيتها، وعن حججه عليك كيف قضيتها، ولا تحسبن الله راضياً منك بالتغرير[29]، ولا قابلاً منك التقصير، هيهات، ليس كذلك! أخذ على العلماء في كتابه، إذ قال تعالى: (لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ)[30]،إنك تقول: إنَّك جَدِلٌ ماهرٌ عالمٌ، قد جادلت الناس فجدلتهم وخاصمتهم فخصمتهم إدلالاً منك بفهمك، واقتداراً منك برأيك، فأين تذهب عن قول الله عز وجل: (هَا أنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا فمَنْ يُجَادِلُ اللهَ عَنْهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ)[31]، اعلم أنّ أدنى ما ارتكبت، وأعظم ما احتقبت أن آنست الظالم، وسهَّلت له طريق الغيِّ بدنوِّك حين أدنيت، وإجابتك حين دُعِيتَ، فما أخلقك أن تبوء بإثمك غداً مع الجرمة، وأن تُسأل عمّا أردت بإغضائك عن ظلم الظّلمة، إنّك أخذت ما ليس لمن أعطاك، ودنوت ممَّن لا يردُّ على أحدٍ حقّاً، ولا ترك باطلاً حين أدناك، وأجبت من أراد التدليس بدعائه إيَّاك حين دعاك، جعلوك قُطباً تدور رحى باطلهم عليك، وجسراً يعبرون بك إلى بلائهم، وسُلّماً إلى ضلالتهم، وداعياً إلى غيِّهم، سالكاً سبيلهم، يُدخلون بك الشكَّ على العلماء، ويقتادون بك قلوب الجُهَّال إليهم، فلم تبلغ أخصُّ وزرائهم ولا أقوى أعوانهم لهم إلّا دون ما بلغت من إصلاح فسادهم واختلاف الخاصة والعامة إليهم، فما أيسر ما عمروا لك في جنب ما خرَّبوا عليك، وما أقلَّ ما أعطوك في كثير ما أخذوا منك، فانظر لنفسك فإنَّه لا ينظر لها غيرك، وحاسبها حساب رجلٍ مسؤولٍ، وانظر كيف شكرك لمن غذَّاك بنعمه صغيراً وكبيراً، وانظر كيف إعظامك أمر من جعلك بدينه في الناس بخيلاً[32]، وكيف صيانتك لكسوة من جعلك لكسوته ستيراً، وكيف قربك وبعدك ممَّن أمرك أن تكون منه قريباً، ما لك لا تنتبه من نعستك وتستقيل من عثرتك فتقول: «والله ما قمتُ لله مقاماً واحداً أحيي له فيه ديناً، ولا أميت له فيه باطلاً»، إنَّما شكرك لمن استحملك كتابه واستودعك علمه، ما يؤمنك أن تكون من الذين قال الله تعالى: (فخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الأدْنَى)[33]. إنّك لست في دار مقام، قد أوذنت بالرحيل، ما بقاءُ المرء بعد أقرانه؟ طوبى لمن كان مع الدنيا في وجلٍ، يا بؤس من يموت وتبقى ذنوبه من بعده. إنّك لم تؤمر بالنظر لوارثك على نفسك، ليس أحد أهلاً أن تردفه على ظهرك، ذهبت اللذّة، وبقيت التبعة، ما أشقى من سعد بكسبه غيره، احذر فقد أُتِيت، وتخلَّص فقد أُدهِيْتَ، إنَّك تُعامل من لا يجهل، والذي يحفظ عليك لا يغفل، تجهَّز فقد دنا منك سفر، وداوِ دينك فقد دخله سقمٌ شديدٌ، ولا تحسبنَّ أنِّي أردتُ توبيخك أو تعييرك وتعنيفك، ولكنِّي أردت أن تنعش ما فات من رأيك، وترد عليك ما عزب عنك من حلمك، وذكرتُ قوله تعالى: (وذَكِّرْ فإنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ المُؤْمِنينَ)[34]، أغفلتَ ذِكْر من مضى من أسنانك وأقرانك، وبقيت بعدهم كقرنٍ أعضب، فانظر هل ابتُلُوا بمثل ما ابتُلِيت به، أو دخلوا في مثل ما دخلت فيه؟ وهل تراه ادَّخر لك خيراً منعوه، أو علَّمك شيئاً جهلوه، بل جهلت ما ابتليت به من حالك في صدور العامة، وكَلَفِهِم بكَ أن صاروا يقتدون برأيك ويعملون بأمرك، إن أحللت أحلوا وإن حرَّمْتَ حرَّموا، وليس ذلك عندك، ولكنهم إكبابهم عليك، ورغبتهم فيما في يديك ذهاب عملهم، وغلبة الجهل عليك وعليهم، وطلب حب الرياسة وطلب الدنيا منك ومنهم، أما ترى ما أنت فيه من الجهل والغِرّة، وما الناس فيه من البلاء والفتنة؟ ابتليتهم بالشغل عن مكاسبهم، وفتنتهم بما رأوا من أثر العلم عليك، وتاقت أنفسهم إلى أن يدركوا بالعلم ما أدركت، ويبلغوا منه مثل الذي بلغت، فوقعوا بك في بحرٍ لا يُدرَكُ قعره وفي بلاءٍ لا يُقدَّرُ قدره، فالله لنا ولك ولهم المستعان.
واعلم أن الجاه جاهان: جاهٌ يجريه الله تعالى على يدي أوليائه لأوليائه، الخامل ذكرهم، الخافية شخوصهم، ولقد جاء نعتهم على لسان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: «إن الله يحبُّ الأخفياء الأتقياء الأبرياء، الذين إذا غابوا لم يُفتقدوا، وإذا شهدوا لم يُعرفوا، قلوبهم مصابيح الهدى، يخرجون من كل فتنةٍ سوداء مُظلمةٍ»، فهؤلاء أولياء الله الذين قال الله تعالى فيهم: (أُولَئِكَ حِزْبُ الله ألَا إنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ المُفْلِحُونَ)[35]. وجاهٌ يُجريه الله تعالى على يدي أعدائه لأوليائه، ومقةٌ يقذفها الله في قلوبهم لهم، فيعظمهم الناس بتعظيم أولئك لهم، ويرغّب النّاس فيما في أيديهم لرغبة أولئك فيه إليهم (أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ ألَا إنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الخَاسِرُونَ)[36].
وما أخوفني أن تكون ممن ينظر لمن عاش مستوراً عليه في دينه، مقتوراً عليه في رزقه، معزولةً عنه البلايا، مصروفةً عنه الفتن في عنفوان شبابه، وظهور جَلَدِه، وكمال شهوته، فعنى بذلك دهره، حتَّى إذا كبر سنه، ورقَّ عظمه، وضعفت قوته، وانقطعت شهوته ولذَّته فتحت عليه الدنيا شرَّ فتوحٍ، فلزمته تبعتها، وعلقته فتنتها، وأغشت عينيه زهرتها، وصفت لغيره منفعتها، فسبحان الله، ما أبين هذا الغبن، وأخسر هذا الأمر!
فهلّا إذ عرضت لك فتنتها ذكرتَ أمير المؤمنين عمر رضي الله تعالى عنه في كتابه إلى سعد حين خاف عليه مثل الذي وقعتَ فيه عندما فتح اللهُ على سعد: «أمّا بعد، فأعرض عن زهرة ما أنت فيه حتى تلقى الماضين الذين دفنوا في أسمالهم، لاصقةً بطونهم بظهورهم، ليس بينهم وبين الله حجاب، لم تفتنهم الدنيا، ولم يفتنوا بها، رغبوا فطلبوا فما لبثوا أن لحقوا»، فإذا كانت الدّنيا تبلغ من مثلك هذا في كبر سِنِّك ورسوخ علمك وحضور أجلك، فمن يلوم الحدث في سِنِّه، والجاهل في علمه، المأفون في رأيه، المدخول في عقله؟! إنا لله وإنا إليه راجعون، على من المعوَّل، وعند من المستعتب، نحتسب عند الله مصيبتنا، ونشكو إليه بثنا وما نرى منك، ونحمد الله الذي عافانا مما ابتلاك به، والسّلام عليك ورحمة الله وبركاته)[37].
أقول: قد بيّنا عدم الانسجام بين لسان الرّسالة والواقع التاريخيّ لحياة الإمام (عليه السّلام) والزهريّ، وأمّا نسبة الرّسالة إلى سلمة بن دينار فهي أكثر انسجاماً، وذلك لعدّة قرائن:
القرينة الأولى: أنّ الرّسالة رُويت عن سلمة بن دينار مُسندةً في بعض مصنّفات العامّة.
القرينة الثّانية: أنّ طبقة سلمة بن دينار تتناسب مع كونه كاتب هذه الرّسالة، فقد أدرك زمن شيخوخة الزّهري بل عاش بعد وفاته سنين طويلة.
ومن الجدير بالذّكر أنّ أبا حازمٍ وإنْ كان أصغر سنّاً من الزهريّ إلّا أنّ هذا لا يمنع من أن يقوم بوعظه ولا سيّما أنّ أبا حازم كان من الزهّاد والوعّاظ، وأمّا الزهريّ -رغم كونه أكبر منه- إلّا أنه كان في مقام تلامذته؛ حيث روى عن أبي حازم.
القرينة الثّالثة: الظّاهر من بعض مرويّات العامّة في ترجمة سلمة بن دينار (أبي حازم) أنّه كان ذا موقفٍ سلبيِّ من الدّخول في أعمال السّلاطين أو مخالطتهم، وقد كانت له مواقف حادّة في هذه المسألة، وفي بعضها وقع كلامٌ حادٌّ بينه وبين الزّهريّ حيث عرَّض به وطعن عليه بسبب سيره في ركاب السّلاطين، فهذا الموضوع من المسائل التي وقعت محلّاً للكلام بين الأعرج والزّهريّ، وهذا ينسجم مع الجوّ العام للرسالة المنقولة عن الأعرج في ذمّ سلوك الزهريّ.
روى ابن أبي خيثمة في تاريخه: (حدثنا يعقوب بن كعب الأنطاكي، قال: حدثنا زكريا بن منظور، قال: قال أبو حازم: جاءني الزهري فقال لي: أجب الأمير سليمان بن عبد الملك، قال: قلت: ما لي إليه من حاجة من كان له حاجة فليجئني)[38].
وقال ابن حبّان في ترجمته: (أصله من فارس، وكانت أمه روميّة، وكان [قاصّ][39] أهل المدينة، من عُبّادهم وزُهّادهم، بعث إليه سليمان بن عبد الملك بالزهريّ أن يأتي فقال له الزهريّ: أجب الأمير. قال أبو حازم: وما لي إليه حاجة، فإنْ كان له حاجةٌ فليأتني)[40].
وهذا يشير إلى أنّ أبا حازم الأعرج كان لديه هذا النّوع من السّلوك الحادّ تجاه السّلاطين، بل كان له في بعض المواقف كلامٌ حادٌّ تجاه الزهريّ نفسه، فقد روى ابن الجوزيّ في «المنتظم في تاريخ الملوك والأمم»: (أخبرنا عبد الخالق بن أحمد، قال: أخبرنا عليّ بن محمّد بن إسحاق، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن أحمد الراوي، قال: أخبرنا جعفر بن عبيد الله بن يعقوب، قال: أخبرنا محمد بن هارون الرويانيّ، قال: حدثنا يحيى بن المغيرة، قال: حدثنا عبد الجبّار بن عبد العزيز بن أبي حازم، قال: حدثني أبي، قال: بعث سليمان بن عبد الملك إلى أبي حازم فجاءه فقال: يا أبا حازم، ما لنا نكره الموت؟ قال: لأنكم أخربتم أخراكم، وعمّرتم دنياكم، فأنتم تكرهون أن تنتقلوا من العمران إلى الخراب. قال: صدقت، فكيف القدوم على الله عز وجل؟ قال: أما المحسن فكالغائب يقدم على أهله، وأما المسيء فكالآبق يقدم على مولاه. فبكى سليمان وقال: ليت شعري، ما لنا عند الله يا أبا حازم؟ فقال: اعرض نفسك على كتاب الله، فإنّك تعلم ما لك عند الله. قال: يا أبا حازم، وأين أصيب ذلك؟ قال: عند قوله: (إنَّ الأبرَارَ لَفِي نَعِيمٍ وإنَّ الفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ)[41]، فقال سليمان: فأين رحمة الله؟ قال: (قَرِيبٌ مِنَ المُحسِنِينَ)[42]، قال: ما تقول فيما نحن فيه؟ قال: أعفني من هذا. قال سليمان: نصيحة تلقيها. قال أبو حازم: إن ناساً أخذوا هذا الأمر عُنوةً من غير مشاورة من المسلمين ولا اجتماع من رأيهم، فسفكوا فيه الدّماء على طلب الدنيا، ثم ارتحلوا عنها، فليت شعري ما قالوا وما قيل لهم! فقال بعض جلسائه: بئس ما قلت يا شيخ. فقال أبو حازم: كذبتَ، إنّ الله تعالى أخذ على العلماء ليبيننّه للنّاس ولا يكتمونه. فقال سليمان: اصحبنا يا أبا حازم تُصِبْ منا ونُصِبْ منك. قال: أعوذ بالله من ذلك. قال: ولم؟ قال: أخاف أن أركن إليكم شيئاً قليلاً فيذيقني الله ضعف الحياة وضعف الممات. قال: فأشر علي. قال: اتقِّ الله أن يراك حيث نهاك، وأن يفقدك حيث أمرك. فقال: يا أبا حازم، ادعُ لنا بخير. فقال: اللّهمّ إنْ كان سليمانُ وليَّك فيسِّره للخير، وإن كان عدوَّك فخُذْ إلى الخير بناصيته. فقال: يا غلام، هات مائة دينار. ثم قال: خذها يا أبا حازم. قال: لا حاجة لي فيها، إنِّي أخاف أن يكون لما سمعت من كلامي)[43].
وقال ابن الجوزيّ: (وكان سليمان أُعجِبَ بأبي حازم فقال الزّهري: إنّه لجاري منذ ثلاثين سنة ما كلَّمْتُه قطّ. فقال أبو حازم: إنَّك نسيت الله فنسيتني، ولو أحببتَ الله لأحببتني. قال الزهري: أتشتمني؟ قال سليمان: بل أنت شتمتَ نفسك، أما علمتَ أنَّ للجار على جاره حقّاً؟ فقال أبو حازم: إنّ بني إسرائيل لما كانوا على الصواب كانت الأمراء تحتاج إلى العلماء، وكانت العلماء تفرُّ بدينها من الأمراء، فلمّا رأى ذلك قوم من أذلَّة النَّاس تعلَّموا ذلك العلم وأتوا به إلى الأمراء، فاستغنت به عن الزهَّاد، واجتمع القوم على المعصية، فسقطوا وانتكسوا، ولو كان علماؤنا يصونون علمهم لم تزل الأمراء تهابهم.
قال الزهريّ: كأنّك إياي تريد، وبي تُعَرِّضُ. قال: هو ما تسمع)[44].
وروى ابن عساكر: (أخبرنا أبو المعالي محمّد بن إسماعيل الفارسيّ، أنا أبو بكر البيهقيّ، أنا أبو القاسم عليّ بن محمد بن عليّ بن يعقوب الإياديّ المالكيّ، نا أبو بكر الشافعيّ، نا محمد بن جعفر، نا صالح -يعني ابن أحمد بن حنبل-، حدّثني أبي، نا يحيى بن عبد الملك بن حميد، عن أبي عيينة، نا زمعة بن صالح، قال: قال الزهري لسليمان أو هشام: ألا تسأل أبا حازم ما قال في العلماء؟ قال: يا أبا حازم، ما قلت في العلماء؟ قال: وما عسيتُ أن أقول في العلماء إلّا خيراً، إنِّي أدركت العلماء وقد استغنوا بعلمهم عن أهل الدنيا، ولم يستغنِ أهل الدّنيا بدنياهم عن علمهم، فلمّا رأى ذلك هذا وأصحابه تعلَّموا العلم فلم يستغنوا به، واستغنى أهل الدنيا بدنياهم عن علمهم، فلما رأوا ذلك قذفوا بعلمهم إلى أهل الدنيا ولم ينلهم أهل الدنيا من دنياهم شيئاً، إنَّ هذا وأصحابه ليسوا علماء، إنما هم رواة. قال الزهريّ: إنّه جاري منذ حين وما علمت أنّ هذا عنده. قال: صدق، أما إنِّي لو كنتُ غنيّاً عرفني)[45].
والحاصل من مجموع هذه القرائن أنّ نسبة هذه الرّسالة إلى سلمة بن دينار (أبي حازم الأعرج) أرجح من حيث الرّواية، وأكثر انسجاماً مع التاريخ وطبقات الرّواة، وقريبةٌ إلى موقف أبي حازم من السّلاطين وما جرى بينه وبين الزّهري من كلامٍ في ذلك الأمر، والله العالم بحقائق الأمور.
موارد التفاوت بين روايتي أبي نعيم وابن شعبة
يظهر عند مطالعة الرّسالة برواية أبي نعيم الأصفهانيّ ورواية ابن شعبة وجود مقدار من التفاوت والاختلاف، ومن وجوه الاختلاف أنّ رواية أبي نعيم قد امتازت بوجود زياداتٍ متعدّدة لم تُذكر في رواية ابن شعبة الحرّاني.
ومنها أيضاً ما هو راجعٌ إلى وقوع التّصحيف في ضبط بعض الألفاظ، وهذا مما يمكن تقويمه من خلال مراجعة النّسخ وملاحظة السّياق لتحديد اللّفظ الأنسب والأقرب.
والملفت للنّظر في رواية ابن شعبة -بعد ملاحظة رواية أبي نعيم- وجود بعض التغييرات المريبة، فمن ذلك ما جاء في رواية «تحف العقول»: (فوقعوا منك في بحرٍ لا يُدرَك عمقه، وفي بلاءٍ لا يُقدّر قدره، فالله لنا ولك، وهو المستعان. أمّا بعد؛ فأعرض عن كلِّ ما أنت فيه حتى تلحق بالصالحين الذين دفنوا في أسمالهم..)، فإنّ وجود عبارة «أمّا بعد» في وسط الكلام -وإن كان في بعض الموارد صحيحاً حيث إنّها تُستعمل للتخلّص[46]-، إلّا أنّه قد لا تبدو مناسبة واضحة هنا للانتقال أو التخلّص في سياق كلامٍ واحدٍ، وفي رواية أبي نعيم جاءت العبارة بهذا النّحو: (فهلّا إذ عرضت لك فتنتها ذكرتَ أمير المؤمنين عمر رضي الله تعالى عنه في كتابه إلى سعد حين خاف عليه مثل الذي وقعتَ فيه عندما فتح اللهُ على سعدٍ: «أمّا بعد، فأعرض عن زهرة ما أنت فيه حتى تلقى الماضين الذين دفنوا في أسمالهم، لاصقةً بطونهم بظهورهم..)، وبناءً على ذلك تكون عبارة «أمّا بعد» وما تلاها من رسالة عمر بن الخطّاب إلى سعد بن أبي وقّاص، ويبدو أنّ ابن شعبة قد أسقط ذكر عمر بن الخطّاب من وسط الرّواية، أو أنّ نسخته كان فيها شيء من الاختلال، والله العالم بحقائق الأمور.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] سير أعلام النبلاء، ج5، ص337.
[2] سورة إبراهيم، الآية 7.
[3] سورة آل عمران، الآية 187.
[4] سورة الأعراف، الآية 169.
[5] في «حلية الأولياء» وغيره: (دينك)، وهو أقرب وأصحّ.
[6] سورة الذاريات، الآية 55.
[7] سورة مريم، الآية 59.
[8] تحف العقول، ص274-277.
[9] تقدّمت الإشارة إلى أنّ الأقرب كونها (دينك).
[10] حلية الأولياء، ج3، ص246.
[11] في «سير السّلف الصّالحين»: (فما أخوفني أن تكون ممّن عاش..)، وفي «المختار من مناقب الأخيار»: (فما أخوفني أن تكون كمن عاش..)، وهما أقرب.
[12] حلية الأولياء، ج3، ص249.
[13] الكافي، ج2، ص512، كتاب الحجّة، باب مولد عليّ بن الحسين عليه السلام.
[14] الإرشاد، ج2، ص137.
[15] تهذيب الأحكام، ج6، ص88.
[16] إعلام الورى بأعلام الهُدى، ج1، ص481.
[17] انظر: سير أعلام النبلاء، ج5، ص326/تهذيب الكمال، ج26، ص440-441، ترجمة: محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، رقم الترجمة 5606.
[18] قال الشيخ الطوسيّ: (سلمة بن دينار، يُكنّى أبا حازم الأعرج، ويُعرف بالأقرن القاصّ)، انظر: رجال الطوسيّ، ص114، رقم الترجمة 1141.
[19] سير أعلام النبلاء، ج6، ص96.
[20] سير أعلام النبلاء، ج6، ص101.
[21] قال ابن عساكر: (روى عنه الزهريّ -وهو أكبر منه-)، انظر: تاريخ دمشق، ج22، ص16، رقم الترجمة 2613.
[22] حلية الأولياء، ج3، ص246-249.
[23] تاريخ دمشق، ج22، ص41-45.
[24] سير السّلف الصّالحين، ص803-806.
[25] صفوة الصّفوة، ج2، ص160-163.
[26] المختار من مناقب الأخيار، ج3، ص23-27.
[27] مرآة الزّمان في تواريخ الأعيان، ج12، ص96-97.
[28] سورة إبراهيم، الآية 7.
[29] كذا في المطبوع، وفي «سير السّلف الصالحين» و«صفة الصّفوة» و«المختار من مناقب الأخيار» و«مرآة الزمان»: (بالتعذير)، وهو الصحيح على الظّاهر.
[30] سورة آل عمران، الآية 187.
[31] سورة النساء، الآية 109.
[32] كذا في المطبوع، وفي «صفة الصّفوة»: (مبجّلاً)، وفي «تحف العقول»: (جميلاً)، وكلاهما أقرب للسياق.
[33] سورة الأعراف، الآية 169.
[34] سورة الذاريات، الآية 55.
[35] سورة المجادلة، الآية 22.
[36] سورة المجادلة، الآية 19.
[37] حلية الأولياء، ج3، ص246-249.
[38] التاريخ الكبير «تاريخ ابن أبي خيثمة»، ج2، ص290-291، رقم الحديث 2977.
[39] في المطبوع: (قاض)، والصحيح ما أثبتناه؛ فإنّ سلمة بن دينار كان يقصّ، ولم يُعرف بالقضاء، ولو كان قاضياً لزم أن تكون العبارة: (وكان قاضي أهل المدينة).
[40] الثقات، ج4، ص316.
[41] سورة الانفطار، الآية 13-14.
[42] سورة الأعراف، الآية 56.
[43] المنتظم في تاريخ الملوك والأمم، ج8، ص33-34.
[44]) المنتظم في تاريخ الملوك والأمم، ج8، ص34. وانظر: تاريخ دمشق، ج22، ص38-41.
[45] تاريخ دمشق، ج22، ص27.
[46] قال ابن الأثير الكاتب (ت: 637هـ): (وأما الاقتضاب فهو الذي أشرنا إليه في صدر هذا النوع، وهو قطع الكلام واستئناف كلامٍ آخر غيره بلا علاقة تكون بينه وبينه، فمن ذلك ما يقرب من التخلّص، وهو فصل الخطاب، والذي أجمع عليه المحققون من علماء البيان أنه «أمّا بعد»؛ لأنّ المتكلم يفتتح كلامه في كلِّ أمرٍ ذي شأن بذكر الله وتحميده، فإذا أراد أن يخرج إلى الغرض المسوق إليه فَصَلَ بينه وبين ذكر الله تعالى بقوله: «أما بعد»)، انظر: المثل السائر في أدب الكاتب والشّاعر، ج3، ص139. وانظر أيضاً: إحراز السّعد بإنجاز الوعد بمسائل «أمّا بعد»، ص30.